عين زبيدة هي مصدر ماء عذب غزير، تنبع من وادي عثمان، وتمر عبر جبل عرفات، ثم تعبر وادي عُرنَة إلى الخَطْم، قبل أن تنحدر إلى منى، وأخيرًا تصل إلى مكة المكرمة. كانت هذه العين مصدرًا رئيسيًا لسقاية أهل مكة في التاريخ القديم، وظلت كذلك حتى تم إدخال عيون ماء أخرى في العصر الحديث. رغم ذلك، ظلت عين زبيدة تحتل مكانة خاصة، حيث حظيت باهتمام الخلفاء على مر العصور، الذين قاموا بترميمها وتطويرها. اليوم، تدار العين من خلال إدارة خاصة تُعرف باسم إدارة عين زبيدة والعزيزية.
زبيدة بنت جعفر، زوجة هارون الرشيد وابنة عمّه، هي التي حملت اسمها هذه العين. كانت زبيدة معروفة بكرمها وورعها، حيث كانت تنفق على الفقراء وأهل العلم والتقوى. كما كانت حكيمة في اتخاذ القرارات السياسية، حيث كانت خير داعمة لقرارات هارون الرشيد وخير مرشدة لابنها الخليفة محمد الأمين.
تُعد عين زبيدة واحدة من أعظم إنجازات زبيدة بنت جعفر، والتي ساهمت بشكل كبير في حل مشكلة المياه في مكة المكرمة. فقد أمرت بإنشاء هذا المصدر المائي بعد أن لاحظت معاناة الحجاج في الحصول على ماء الشرب أثناء زيارتها لمكة عام 186 هـ/802 م. بلغت تكلفة المشروع مليون وسبعمئة ألف دينار، وتم إنجازه بعد أن عمل العمال والمهندسون بجد لإيصال الماء إلى مكة المكرمة.
عين زبيدة ليست مجرد مصدر مائي، بل هي رمز لبركة زبيدة وكرمها. وقد أثنى المؤرخون والرحالة على فعلها هذا، حيث وصفها المسعودي بأنها "أحسن ما فعلته أم جعفر في أيام الرشيد". كما امتدح ابن جبير "السيدة زبيدة" وما قامت به من خدمات للحجاج عند حديثه عن طريق مكة.
توفيت زبيدة بنت جعفر في جمادى الأولى من عام ألفين وستة عشر للهجرة في مدينة بغداد، ودُفت هناك. رغم عدم ذكر تاريخ ميلادها بشكل دقيق في كتب التاريخ، إلا أن إرثها لا يزال حيًا من خلال إنجازاتها البارزة مثل عين زبيدة.