قبل اعتناق الإسلام، اشتهر خالد بن الوليد بتاريخ طويل من الصراع ضد المسلمين تحت حكم قريش. وكان أحد أقوى القادة العسكريين بين العرب آنذاك. لكن هذه الصورة تغيرت بشكل جذري بعد لقائه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وآيات القرآن الكريم التي أثرت فيه بعمق.
كان لدى خالد العديد من المواجهات مع الصحابة أثناء الغزوات الأولى للإسلام. ففي غزوة بدر، قاد فرقة كفار قريش التي حاولت منع هجرة النبي ومرافقيه من مكة المكرمة إلى يثرب (المدينة المنورة). وفي غزوة أحد أيضاً، شارك بشجاعة وخبرة عسكرية كبيرة مما سبب خسائر جسيمة للمسلمين حينها. حتى أنه تم اختياره ليكون قائدا لجيش بني أبي سفيان خلال غزوة اليمامة الشهيرة والتي كانت بداية النهاية للتحديات السياسية والعسكرية أمام الدعوة الإسلامية الناشئة.
ومع ذلك، فإن نقطة التحول الحاسمة جاءت عندما التقاه النبي مباشرةً وأظهر له فضائل الدين الجديد بطريقة جعلته يفكر ملياً ويتأمل عميقاً لأول مرة منذ سنوات طويلة. بدأت روح الاستبطان تتسلل إليه وتجعله يشك فيما كان يؤمن به سابقاً وما هو الحق حقاُ. لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لشخص يتمتع بكاريزما شخصية وبنية اجتماعية متينة مثل خالد ولكن تأثر قلبه بتعاليم الرحمة والمودة والتسامح التي حملتها رسالة الإسلام الجديدة.
بعد عدة أيام من التفكير الداخلي المتجدد، قرر اتخاذ قرار جريء وفريد بإعلان اسلامه علناً أمام الجميع بما فيها قبيلته الخاصة الذين كانوا يقودون الحرب ضده وضد مبادئ جديدة ادعى أنها ستنهي نظام الحياة القديم وستبدله بنظام جديد يقوم على الاخلاق والقيم الإنسانية الراسخة .
وبعد دخوله للإسلام بدأ دور خالد ينتقل بسرعة من خصمه العنيف الى واحد ممن أصبحوا يعرف بهم "ذو اليدين البيضاء"، وذلك بسبب عطاياه الكبيرة لدعم المجتمع المسلم حديث النشأة وقت حاجتهم الملحة لذلك الدعم سواء المعنوي منه أم المادي أيضًا . لقد انتقل من كون شخصيته محور الثورات والحروب المستمرة نحو زعيم تحول قلبه ودعم قضية عظيمة تحمل هدفا سامياً وهو نشر السلام والخير والنماء عبر العالم اجمع وفق تعليمات رب العالمين عز وجل .
