ولد الحسن علي بن أبي عمران موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن عمار بن ياسر العنسي في قلعة يحصب في غرناطة سنة 1214 ميلادية. هذا العالم الشامل كان أحد أحفاد الفارس الشهير "عمار بن ياسر"، وهو شخصية بارزة في التاريخ الإسلامي. نشأ في أسرة ذات نسب مرموق, حيث خدم أفرادها كولاة وحكام لقلعة بني سعيد عبر عدة أجيال, بينما برع البعض الآخر بشعرهم وفصاحتهم وكتابة التاريخ والأدب. والد ابن سعيد أيضًا ترك بصمة واضحة بتراثه الأدبي والثقافي.
يتمتع ابن سعيد بخلفية علمية ثرية تتضمن الشعر والنثر والتاريخ والجغرافيا والسفر. إنه ليس مجرد شاعر موهوب بل أيضًا مفكر يستعرض تفاصيل حياة الناس وأحداث الأزمان بكل حيادية ورصانة. أثناء رحلته الواسعة التي امتدت من مصر للعراق والشام وبغداد والبصرة وغيرها الكثير، وثَّق مشاهداته بشكل مدروس ومتكامل حول كل محطة توقفت بها خطواته. لم يكن فقط مهتما بالحاضر ولكن أيضا اهتم بدراسة ماضي الأمم العربية خلال فترة الجاهلية وما بعد الاسلام حتى عصر حياته الخاص.
من أشهر أعمال ابن سعيد "المغرب في حلى المغرب" والذي أكمل مسالة بدأها جده واستكملها والده فيما بعد. بالإضافة لذلك لديه العديد من المؤلفات الأخرى مثل "الغصون اليانعة في محاسن شعراء المئة السابعة", "الطالع السعيد في تاريخ بني سعيد", و"ريحانة الأدب". إضافة لهذه الأعمال الرئيسية يوجد ديوانه الشعري الشخصي تحت اسم "النفحة المسكية في الرحلة المكية". لكل كتاب خصائصه الخاصة؛ سواء كانت دراسات تاريخية أو روايات سفر واقعية أو تحليلات شعرية لشعرائه المعاصرين والأقدم منهم.
توفي ابن سعيد مغربياً مغموراً، رغم مكانته العلمية الكبيرة وانتشار شهرته المؤثِّرة. مات بغضبٍ شديد وغصة كبيرة بسبب عدم قدرته على تحقيق أهدافه السياسية المعلنة والتي تنادي بإعادة أمجاد الدولة الموحدانية مجدداً، ولكنه ظل رمزًا للأدباء المثقفين الذين ساهموا بطرق مختلفة لإثراء ثقافتنا الإنسانية المشتركة.