في رحاب شهر رمضان الفضيل، يعدّ السفر أحد أهم الظروف الاستثنائية التي يمكن أن تتسبب في تساؤلات حول كيفية التعامل مع فريضة الصيام. بناءً على فتاوى ومراجعات كبار العلماء، فإن الأمر متعلق بشروط محددة وشهادات علمية دقيقة.
يشترط الجمهور العام من العلماء أن تكون مسافة السفر حوالي ثمانين كيلومترًا لتكون مؤهلة لرجوع المسافر إلى قاعدة تخميس الصلاة. يُعَدُّ هذا المعيار مرجعاً رئيسياً لإقرار حق المسافر بالإفطار خلال النهار في رمضان. ويوافق الشيخ ابن باز على هذا الرأي موضحاً أنه "بشكل عام، تعتبر حدود الثمانين كيلومترا نقطة تحول للسفر سواء كانت بواسطة المركبات الأرضية كالسيارات والمركبات الجوية مثل الطائرات والسفن البحرية".
لكن هناك ضوابط أخرى يجب مراعاتها قبل التفكير في الإفطار في السفر. أولاً، ينبغي أن يتميز السفر بطوله بما يكفي لينطبق عليه قانون تخفيف الصلاة. ثانياً، ليس المسموح للمسافر بالإقامة لفترة طويلة في الموقع الذي وصل إليه خلال فترة الرحلة. ثالثاً، ينبغي ألّا يكون غرض الرحلة مخالفاً للشريعة الإسلامية وأن يكون خاليًا من أعمالٍ غير أخلاقية كالسَّرقة أو إحداث ضرر الآخرين.
بالانتقال للأفضلية بين الصيام والإفطار أثناء السفر، يوجد تنوع واضح في الآراء بين المذاهب المختلفة. يقول البعض بأن الصيام هو الخيار الأمثل إلا عندما يؤثر بشكل كبير على صحته جسديًا. بينما يرى آخرون أن للإفطار والأكل والشرب الأفضلية حينما يصعب تحمل الصيام بدون تأثير سلبي حاد على الصحة العامة. ومع ذلك، هناك موقفٌ قاسٍ يدعو لتحريم الصيام تمامًا لدى بعض الفقهاء إذا أدى إلى خطر الموت أو المرض الخطير جدًا والذي يجعل القدرة البشرية على التحمل مستبعدة تمامًا.
وبالتالي، فالإفطار أثناء السفر ليس مجرد ممارسة بديلة بل قضية تحتاج لبحث دقيق وفق ظروف ومراحل مختلفة لكل راغب بالسفر والصيام في وقت واحد.