كان أبو لهب، واسمه الأصيل عبد العزى بن عبد المطلب، عمَّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أكثر الأشخاص عدائية تجاه الدعوة الإسلامية الجديدة. اكتسب اسم "أبو لهب" بسبب صفاته الشخصية اللاذعة والمثيرة للجدل، والتي جعلته هدفاً مستحقاً لعقاب إلهي كما جاء في القرآن الكريم. لقد تحدى أبو لهب الإسلام بكل قوة وبكل ما ملك من نفوذ وعلاقات داخل مجتمع مكّة المكرم آنذاك. أما بالنسبة لأسلوب حياة هذا الشخص البغيض، فقد استخدم زوجته الأم جميل لإساءة التعامل مع الرسول الكريم والسعي للتضييق عليه، حتى أنها أدت دوراً مباشراً بإبعاد أبنائهما عنها عندما تزوجتا بابنتَي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ومن ناحيته الأخرى، فإن شخصية أخرى بارزة تشترك معه بكره الدين الإسلامي هي شخص آخر معروف باسم "أبو جهل"، والذي يعرف أيضاً بعمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي. كان هذا الرجل نموذجاً للشخصيات المترددة غير الراغبة بالإقرار بالحقيقة الواضحة للدين الجديد رغم اعترافه الداخلي بها. ويستدل البعض أنه حتى أثناء لحظات الاحتضار الأخيرة، ظل يفكر بصوت عالٍ حول طبيعة الحياة والموت والتساؤلات الروحية الأساسية مما يوحي بتناقضات مزمنة داخله فيما يتعلق بمبادئ العقيدة الإسلامية الصافية.
وفي نهاية المطاف، اتسم مصير هذين الرجلين بشخصيتيهما الفاسختين. إذ قتل أبو جهل خلال الغزوة الشهيرة لبدر على يد غلمانين مخلصين هم سعد بن عبيد والديه عبيد بن الحرث وسليم بن زياد الأنصاريان الذين نجحوا بدون سابق معرفة مكان وجوده وقتله بشكل مفاجئ ومباشر مما أسفر عنه انتصار مؤكد لدولة المسلمين الناشئة. بينما توفي أبو لهب نتيجة مرض عضال ألحق به الأذى والألم النفسي والجسدي المستمر عقب خسائر الحرب نفسها وتحديدا بعد وفاة عمه الأشهر أبو جهل مباشرة ببضع سنوات فقط. ويذكر التاريخ كيف تعرض جسده لكراهية شعبية كبيرة بلغ ذروتها بحرق جثة أبو لهب لاحقا ونفيه خارج حدود المدينة المقدسة احتفاء وانتقاما من ظلمه وظلم مشركي عصره عبر القرون الزمنية المختلفة لهذه البشرية جمعاء بما لها وما عليها .