إن مفاهيم الظلم والتسامح والتضحية هي محاور أساسية في الأخلاق الإسلامية، حيث تُعرّف الظلم بأنه تعدي الإنسان على حقوق الغير، سواء كانت مادية أم معنوية، مما يعد انتهاكا لحرمة وكرامة الآخرين. أما الظالم فهو الشخص الذي يرتكب هذا النوع من الاعتداءات بشكل متكرر وبلا وجه حق. وفي المقابل، المظلوم هو الضحية التي تعرضت للظلم وظلت صامدة أمام الألم والمعاناة.
وقد حذر الإسلام بشدة من مخاطر الظلم وآثاره المدمرة، سواء على الفرد المجتمع ككل. فعلى الرغم من إمكانية تجنب عقاب مباشر في الحياة الدنيا، إلا أنه لا يمكن الهروب من العدالة الإلهية التي سيقف الجميع أمامها ليوم الحساب. يقول القرآن الكريم:"ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما". هنا نرى كيف يشجع الدين الإسلامي على الاستغفار والرجوع إلى طريق الحق مهما بلغت الخطيئة.
من أهم العقوبات الدنيوية المرتبطة بالظلم نزول المحن والأقدار المؤلمة، كما ورد في حديث الرسولﷺ "إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِهِ؛ وَقَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاؤُكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ, وَأَعْرَاضَكُمْ كَعَرْضِ الْمِلْحِ." وهذا يدل على ارتباط الظلم مباشرة بحالات الشقاء والفوضى داخل المجتمع. بالإضافة لذلك، يعتبر الظلم سببا رئيسيا لتضييع الأعمال الصالحة لدى البعض بسبب عدم قدرتهم على رد الحقوق إلي أهلها قبل حلول اليوم الآخر.
وفي حين يؤكد الإسلام على ضرورة محاسبة الظالمين، يشدد أيضا على دور المظلوم ودوره الإيجابي خلال فترة اختباره. فقد أمر المسلم بأن يحتسب الأمر لله ويتحل بالصبر والعفو والعفو بدلاً من طلب الانتقام بنفسيه والذي قد ينتج عنه المزيد من الشرور. فالقول النبوي"الدين النصيحة"، يقود المسلمين نحو تبني نهج الرحمة والتسامح وتعزيز ثقافة السلام الاجتماعي.
وبالتالي فإن دراسة مسألة الظلم توضح لنا مدى عمق فلسفة التعامل الإنساني وفقا للشريعة الإسلامية والتي تعتمد أساسا على الثبات والصمود والصفح والجهاد الروحي ضد النفس أولاً ومن ثم ضد المتعديين حقوق الآخرين ثانياً .
