الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
يعدّ الفرق بين السور المكية والمدنية من المواضيع المهمة في علوم القرآن الكريم، حيث اهتم العلماء بتحديد هذه الفروق لمعرفة خصائص كل منهما. وقد اختلف العلماء في تحديد الفرق بينهما، فذكر الزركشي في كتابه "البرهان في علوم القرآن" ثلاثة اصطلاحات:
- المكي ما نزل بمكة، والمدني ما نزل بالمدينة.
- المكي ما نزل قبل الهجرة، وإن كان بالمدينة، والمدني ما نزل بعد الهجرة، وإن كان بمكة.
- المكي ما وقع خطابًا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابًا لأهل المدينة.
ويرى الزركشي أن القول الثالث هو الأقرب، حيث يعتبر خطاب المقصود به أو جُل المقصود به أهل مكة في السور المكية، وأهل المدينة في السور المدنية.
ومن علامات السور المكية والمدنية ما يلي:
- كل سورة فيها "يا أيها الناس" وليس فيها "يا أيها الذين آمنوا"، فهي مكية، إلا سورة الحج التي فيها اختلاف.
- كل سورة فيها "كلا"، فهي مكية.
- كل سورة أولها حروف المعجم، فهي مكية، إلا البقرة وآل عمران، وفي الرعد خلاف.
- كل سورة فيها قصة آدم وإبليس، فهي مكية، سوى البقرة.
- كل سورة فيها ذكر المنافقين، فمدنية، سوى العنكبوت.
أما السور المدنية فتتميز بذكر الأحكام الشرعية بالتفصيل، والدعوة إلى الجهاد، ووضع قواعد المجتمع المسلم، والحديث عن العلاقات بين أفراده، وعن المنافقين وكشف مكرهم.
ومن الضوابط اللفظية للآيات المكية والمدنية أن كل سورة فيها فريضة أو حد فهي مدنية، وكل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية إلا سورة العنكبوت.
وفيما يتعلق بعدد السور المكية والمدنية، فقد ذكر الزركشي أن هناك خمس وثمانون سورة مكية وتسع وعشرون سورة مدنية.
وعلى الرغم من أن عدد كلمات وحروف السور المدنية والمكية لا يمكن تحديده بدقة بسبب عدم وجود استقصاء شامل لذلك، إلا أن هناك من جمع كلمات وحروف القرآن الكريم على وجه العموم دون تمييز بين المكي والمدني.
وفي الختام، فإن معرفة الفرق بين السور المكية والمدنية تساعدنا على فهم خصائص كل منهما وتحديد أسباب نزولها وغاياتها، مما يعزز فهمنا للقرآن الكريم ويساعدنا على تطبيق أحكامه في حياتنا اليومية.