استندت عدة تفسيرات حول تسمية "ذي القرنين" إلى خصائص مختلفة من حياته وسلطانه غير المسبوق. رغم تعدد الآراء، إلا أنها تعكس الفهم العميق للتاريخ والثقافة التي عاش فيها هذا الشخصية المرموقة.
بالنظر لأولئك الذين اقترحوا أن سبب التسمية يعود إلى وجود ضفائر شعر كثيفة تشبه القرون، فإن هذه النظرية تبرز جانباً جماليا وجسدياً من حياة ذي القرنين. ومع ذلك، هناك وجهة نظر أكثر إثارة للاهتمام وهي تلك المتعلقة بتوسع سلطته حتى وصلت إلى أقصى مديات العالم المعروف آنذاك؛ لذلك يُطلق عليه اسم "ذي القرنين"، مما يدل على مدى امتداد دولته الواسعة وكيف أصبح رمزاً للسلطة العالمية.
ومن الجدير بالذكر اختلاف المؤرخين والفلاسفة القدماء بشأن طبيعة هذه الشخصية المجهولة الهوية بشكل أدق. هل كان نبياً أم رسولاً؟ هل انتمى إلى صفوف الملائكة كما آمن البعض؟ أم ربما كانت هيئة برلمانية متفردة تجمع بين الحكم والقانون والنبوة؟ ومن ضمن النظريات الأكثر شيوعاً ارتباطه بالإسكندر الأكبر بسبب توسعاته الاستراتيجية شرقاً وغرباً، بما في ذلك بنائه لجدار حصين ضد قبائل أخيلة مثل يأجوج ومأجوج - والتي قد تكون مستوحاة من الثقافة التركية القديمة -.
وفي السياق نفسه، يشير بعض المحققين التاريخيين إلى احتمال كون ذي القرنين شخصية أسطورية تمثل اتحاد الأمبراطور كورش الكبير وحاكم العرب الحميري الشهير أبي كرب شمر. وعلى الرغم من عدم توافر أدلة مادية قطعية، تبقى فرضية وجود زعيم واحد موحد لكلتا الحضارتين مؤثرة للغاية عندما نتفحص فترة زمنية شهدت تقارب مصالح جيوسياسية كبيرة عبر آسيا وأوروبا.
ويلعب ذكر قصة سد أجوج ومأجوخ دورًا بارزًا أيضًا في شرح كيفية اكتساب ذي القرنين لقبه المميز. وفقًا لهذه الرواية الدينية، قام هذا الشخص القوي بإنشاء حاجز هندسي مهيب لحماية مجموعة صغيرة ولكن مهمة من الناس من هجمات جيش غازٍ هائل يقوده الأعداء اللدودين. وهكذا نرى كيف يمكن لتفسير بسيط كهذا أن يفسر لنا سحر التسمية وإرثها الطاغي طيلة قرون طويلة مضت. إنها حقبة مليئة بالألغاز والعظمة المشتركة لعالمنا المبكر جدًا!
