في مسالة غاية في العمق والدقة، ينقسم علماء الدين الإسلامي في تحديد مكان استقرار الروح عقب وفاة الفرد. يرجع بعض هؤلاء العلماء إلى النصوص الدينية لتوجيه وجهات نظرهم حول هذه المسألة المثيرة للتأمل. وفقاً لهذه الافتراضات، تبدو الروح وكأنها تتخذ مواقع متعددة بناءً على حالتها وبنية أعمالها خلال الحياة الدنيا.
روى العديد من التفاسير أن روح النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصلت إلى "أعلى عليين"، وهي درجة عالية جداً داخل جنات النعيم وفقاً لما رواه الرسول نفسه أثناء هبوطه المعروف باسم الرحلة الإسراء والمعراج. يشترك معه هنا أيضاً شهداء المسلمين الذين ينعمون بالحياة والخير بين يدى الرب عز وجل، ويصور لهم رسول الله صورة جميلة بأنهم قد اتخذوا شكل الطيور الخضراء الطائرة فوق بساتين الجنان. بالإضافة لذلك، هناك اعتقاد بأنه يمكن اعتبار ارواح المؤمنين الأخيار تشبه الطيور المرتبطة بشجرة من أشجار الجنة.
وعلى الجانب الآخر من المقاييس، فإن أصحاب الخطايا والإثم قد يعانون من جزاءات مختلفة حسب خطاياهم الواضحة. مثل حالة الشخص الذي أهمل أداء فريضة الصلاة المفروضة حيث يمكن تصوير وجهته العقوبية باستشهاد عقابه بالضرب والصخرة. ومع ذلك، تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه حتى الأطفال الذين فارقوا الحياة فهم محميون بمكان خاص وهو الجنة بإذن الله تعالى استنادًا إلى الحديث النبوي الشريف: "إن أبناءكم لكم في الجنة".
ومن الجدير بالذكر أن طبيعة الروح ذاتها هي أمر مقدس ومجهول بالنسبة لنا جميعًا إلا لله سبحانه وتعالى فقط كما ورد في كتابه العزيز:" وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيْتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيْلًا" [الإسراء:85]. وعلى الرغم من الاختلافات والتخمينات البشرية بشأن المكان النهائي للأرواح، يبقى سر وجود الروح ونظام عملها خارج نطاق فهم البشر تماماً مما يؤكد قدرة الخالق المطلق وصانع الكون.
نزلت آية الروح - والتي تمت الإشارة إليها ضمن سورة الاسراء- نتيجة لسلسلة تساؤلات طرحها مشركو العرب للنبي محمد عليه السلام بما فيها قصة أصحاب الكهف وشخصية الملك العالمي ديقران والسؤال حول جوهر الروح itself. وقد فضّل الله عدم الكشف عنها مؤكدًا أنها واحدة ممن ثبت عليها ألغاز القدر وعظمته وعلمه القدري المحض الذي لا يفوق حكمته أحد قط. وهذا بدوره يعد إحدى دلائل صدقية القرأن الكريم واستمرارية عجائبه حتى عصرنا الحالي رغم تقدم الطب والعلوم الأخرى بشكل ملفت للحظوظ العلمية الحديثة. إنها حقيقة تؤيد ثبات قوة الوحي وخلود رسالتة المقدسة ابدياً.