آخر سورة نزلت في ترتيب المصحف الشريف هي سورة الناس، والتي تعد إحدى السور المدنية، حسب رأي معظم العلماء. تحمل هذه السورة اسمها لمرات العديدة التي ورد فيها ذكر كلمة "النّاس". وهي أيضًا جزء من مجموعة المعوذات الثلاثة (الفلق والإخلاص والنّاس). تعتبر سورة النّاس دعوة للخلق باتباع طريق الهداية والاستعانة بالله سبحانه وتعالى ضد شهوات الإنس والشياطين ورغبات النفس الأمارة بالسوء.
ومن بين دروسها البارزة إثبات الربوبية لله الواحد القهار، مع التركيز على عموم رقابة الله عز وجل على خلقه. توضح السورة بشكل واضح أهمية الاستعانة بالله -على الرغم مما قد يعترينا من نزغات الشيطان- وذلك عبر طلب العون منه كما جاء في الآية: "(وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)". فتكون الاستعاذة بالألفاظ المناسبة سواء أثناء بداية القراءة، لحظة الغضب، أو لأي موقف تحتاج فيه حماية خاصة.
كما تشتهر المعوذتان (الفلق والناس) بفوائدهما الطبية والعلاجية الكبيرة. شجع حديث شريف صحيح نقلته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرا عليها عندما يشكو مرضاً، مستخدمًا طريقة النفث بعد كل مرة يقرأ فيها بالسورتين. وفي وقت لاحق أكدت سنة النبي عليه السلام هذا الأمر عندما أمر عقبة بن عامر بالتوجه نحو هاتين السورتين قائلاً:" تعوذي بها فهما هما". واحتفظ العديد من الفقهاء بموقف تحفظي تجاههما بسبب تأثيرهما المعروف المضاد للسحر والحسد وكل أنواع الضرر الأخري بحسب قول العالم الإسلامي الشهير ابن القيم الجوزية بأن احتياج المرء لهما يفوق حتى أهميته للغذاء والشراب!
إن بركة هاتين السورتين ليست فقط تكمن في فضلها الديني ولكن أيضا لأنهن مفاتيح لشفاء جسد الإنسان ونفسية روحانية مؤمنة مطمئنة بإذن الله تعالى.