آثار الرشوة المدمرة على الفرد والمجتمع

تعد الرشوة من الكبائر التي حذر منها الإسلام، لما لها من آثار مدمرة على الفرد والمجتمع. فهي تدمّر الموارد المالية للدولة، حيث قد يدفع الأفراد رشاوى للح

تعد الرشوة من الكبائر التي حذر منها الإسلام، لما لها من آثار مدمرة على الفرد والمجتمع. فهي تدمّر الموارد المالية للدولة، حيث قد يدفع الأفراد رشاوى للحصول على تراخيص مشاريع غير مفيدة للمجتمع، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد المالية في إنشاء مرافق وخدمات غير ضرورية. كما أنها تدمّر حياة أفراد المجتمع، كأن تؤدي إلى إنتاج أدوية أو أغذية غير آمنة، أو إلى انهيار المباني بسبب مخالفة قواعد البناء.

وتؤدي الرشوة أيضاً إلى تدمير الأخلاق، حيث تنتشر الإهمال واللامبالاة والتسيب، وضعف الولاء والانتماء، ونحو ذلك من الأخلاق الرديئة. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي الرشوة إلى ضياع حقوق الدولة، حيث قد يحرص موظفو الضرائب على مجاملة من دفع لهم رشوة، مما يؤدي إلى ضياع أموال الدولة. كما أنها تؤدي إلى توظيف موظفين غير صالحين ووضع أشخاص غير مؤهلين في مناصب لا يصلحون لها.

حكم أخذ الرشوة محرم في الإسلام، وقد ورد تحريمها في القرآن الكريم والسنّة النبوية، وعلى ذلك إجماع المسلمين أيضاً. فهي تعدّ كبيرةً من الكبائر، ومن أكل منها فقد أكل سحتاً، واستعمل مالاً حراماً يؤثر على دينه، وخُلقه، وسلوكه. وقد لعن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الراشي والمرتشي والرائش؛ أيّ الساعي بينهما. كما أنّ أكل الحرام من الرشوة وغيرها يمنع من استجابة دعاء الإنسان، وهذا خطرٌ عظيمٌ.

لتحلّل من مال الرشوة، يجب على من وقع في الرشوة أن يتوب إلى الله -تعالى- من ذلك الفعل المحرّم، فيُقلع عنه، ويندم على فعله، وينوي عدم العودة له أبداً. ويكون تحلّله ممّا أخذه من رشوة وفق حالتين: إذا كان من دفع له الرشوة إنّما دفعها حتى يتوصّل من خلالها إلى حقٍّ له؛ فيلزم من أخذ الرشوة أن يعيدها إليه؛ لأنّه مالٌ أُخذ بالباطل والظلم والتعدّي. أما إذا كان من دفع الرشوة قد دفعها لأجل التوصّل إلى أمرٍ لا حقّ له فيه، وقد حصل له ما أراد، فلا يَرُدُّ من أخذ الرشوة المال إليه، حتى لا يكون قد كسب الأمرين معاً، وإنّما يتخلص من مال الرشوة بإنفاقه على الفقراء والمساكين، أو في المصالح العامة، ونحو ذلك من وجوه الخير.

إن آثار الرشوة المدمرة تستوجب منا جميعاً الابتعاد عنها والتحلي بالأخلاق الحميدة والالتزام بالقوانين والأنظمة التي تحفظ حقوقنا وحقوق الآخرين.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات