- صاحب المنشور: شروق البرغوثي
ملخص النقاش:
في العصر الرقمي الحالي، تُعتبر التكنولوجيا الحديثة، خاصة الذكاء الاصطناعي (AI)، محوراً رئيسياً لثورة المعلومات. هذا التحول التقني يمسّ مختلف القطاعات، ومن بينها مجال الصحافة الذي يعد أحد أكثر المجالات تأثيراً بالذكاء الاصطناعي. توفر هذه الأداة العديد من الفرص الجديدة للصحافيين والمؤسسات الإعلامية، ولكنها تطرح أيضاً تحديات كبيرة قد تغير طبيعة المهنة.
الابتكار والسرعة
يُظهر الذكاء الاصطناعي قدرته الفائقة على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعات غير مسبوقة. يمكن لهذه القدرة أن تساعد الصحففي جمع الأخبار وتحليلها واستخلاص الأفكار الرئيسية منها بكفاءة أكبر بكثير مما يستطيع الصحافي البشري تحقيقه بمفرده. كما يُمكن للمحررين الاعتماد على خوارزميات التعلم الآلي لتحديد الموضوعات الشائعة تلقائيًا وقراءة الاتجاهات الحالية في العالم الرقمي، وبالتالي تقديم محتوى أكثر ارتباطاً ومتابعة أفضل للأخبار الجارية.
على سبيل المثال، استخدمت شركة Associated Press روبوت ذكي لإنتاج تقارير فورية حول بيانات الأعمال والإحصائيات المالية منذ عام 2014؛ حيث يقوم الروبوت بتحليل البيانات الخاصة بالميزانيات الربحية والأرباح وغيرها ثم ينتج عنها تقرير مكتوب يتضمن جميع التفاصيل الضرورية بطريقة دقيقة وآمنة للغاية. وهذا ليس مجرد مثال واحد بل هناك أمثلة أخرى مثل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لاستخراج القصص المحلية عبر مواقع الشبكات الاجتماعية المختلفة وكذلك توليد تقارير الطقس استنادًا إلى الخرائط المستندة إلى الأقمار الصناعية والمعطيات الأخرى المتاحة لديهم.
القضايا الأخلاقية والتأثير الاقتصادي
مع ذلك، فإن اعتماد الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار في المؤسسات الإعلامية يخلف خلفه مجموعة من المخاوف بشأن العدالة والكفاءة البشرية. فقد قيل إن بعض المنظمات تسعى للاستغناء عن الكتاب اليوميين بعدما حققت نجاحاتها الأولية باستخدام الروبوتات في إنتاج خبر ربع السنوي لها والذي كان يشغل كتاباً دائمين سابقاً قبل انتقال العمل لنظام الكتابة بواسطة برنامج حاسوبي . كذلك هناك مخاطر كبيرة تتعلق بالأمان الوظيفي حيث باتت معظم الوظائف التي تستوجب تكرار أعمال متشابهة عرضة للتغيير نحو الأسوأ نتيجة ظهور البدائل الآلية. علاوةً على ذلك تشكل مشكلة عدم القدرة على فهم تعقيدات الحياة الإنسانية سمة مميزة لأجهزة الكمبيوتر حتى الآن مقارنة بالإنسان العادي الواسع الاطلاع. لذلك يبقى دور الإنسان ضروريًّا للحفاظ علي المسار العام لمستقبل الإعلام كوسيلة تثقيف عام ورقابتها السياسية وعدم جعلها مجددة للمعلومات وحدها بدون وجود رؤية نقدية وفكر حر يساهم بإبداع أفكار جديدة تخالف القوالب المعروفة حاليا ولا تعتمد فقط على إعادة تشكيل الحقائق القديمة حسب حاجتهم للإعلام الجديد. إنها مهمة صعبة ومحفوفة بالتحديات لكن الحل ممكن بشرط الانفتاح والاستعداد لتحمل المسؤولية المشتركة تجاه مستقبل كلتا المهنتين :الإعلام وأنظمة البرمجيات الدقيقة ذات التأثير الهائل عليه وعلى حياتنا عموما!