في سياق الفكر الديني والإيماني، يعتبر مفهوم "الكرامة" أحد أهم المفاهيم المتعلقة بالعلاقة بين الإنسان وخالقه. هذا المصطلح ليس فقط يشير إلى الاحترام الذي يعطيه الله للإنسان كمخلوق له كيان مميز وكريم, ولكنه أيضًا يُعبر عن القيمة العليا التي منحها الرب للعبد منذ بداية خلقه.
وفقاً للعديد من النصوص الدينية والأدبية الإسلامية, يتم التأكيد على كرامة الإنسان بشكل واضح ومتكرر. القرآن الكريم مثلاً يقول في سورة الحجرات الآية 13: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُم شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم". هنا يؤكد القرآن أن الأكرم عند الله -أي الأكثر كرامة-, هو الأتقى. وهذا يدل على أن الكرامة ليست مجرد هبة مادية أو اجتماعية, بل هي تقدير روحي داخلي يتحقق عبر التقوى والالتزام بالتعاليم الإلهية.
بالإضافة لذلك, نجد أيضاً في الحديث الشريف تأكيدات قوية حول قيمة الإنسان وأصالته الخلقية. كما قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". هذه المقولة تعكس حقيقة عدم وجود بشر بلا عيوب وأن الكمال الإنساني يمكن تحقيقه بالتوبة والاستقامة. ولكن حتى في حالة الوقوع في الخطأ, فإن الإسلام يحافظ على كرامتنا ويعلمنا كيفية التعامل مع تلك المواقف بحيث نحافظ على تواضع النفس واستعداد التغيير نحو الأحسن.
بالتالي, الكرامة الإلهية تشكل جزءاً أساسياً من العقيدة الإسلامية وهي ترتكز على مجموعة متنوعة ومتشابكة من الجوانب الأخلاقية والدينية والفلسفية. فهي تظهر لنا مدى عمق واحترام الدين للإنسانية وتجعلنا نفكر في كيفية استخدام هذه الكرامة بطريقة تحقق رضا الرب ونشر الخير بين الناس.