يتناول هذا المقال مسألة مهمة في الفقه الإسلامي، وهي حكم استعمال الدف للرجال. يختلف العلماء في هذا الشأن، حيث يرى بعضهم جواز استعمال الدف للرجال في بعض الحالات، بينما يرى آخرون تحريمه مطلقًا. سنستعرض هنا آراء الفريقين وأدلتهم.
القائلون بالجواز وأدلتهم:
يذهب كثير من أهل الفقه إلى جواز الضرب على الطبل لجميع الناس، بما في ذلك الرجال، في حالات معينة مثل الجهاد ونحوه. ويستند هؤلاء العلماء إلى ما كان معروفًا عند السلف الصالح من استخدام هذه الوسيلة دون إنكار. كما يشترطون أن يكون الطبل ذو وجهين، ويستخدم عادةً للحرب أو للإعلام بقدوم القوافل الكبيرة. ويلحق به طبول الأطفال التي يستخدمونها في الأعياد، وغيرها من الاستخدامات التي لا علاقة لها باللهو أو الغناء. وجه الجواز في هذه الأنواع هو إلحاقها بالدفوف، لأن الطرب فيها منتفٍ. أما الطبل الذي يستخدم للهو والغناء، فهو يدخل في حكم تحريم المعازف.
القائلون بالحرمة وأدلتهم:
من جهة أخرى، ذهبت طائفة من أهل العلم إلى حرمة استعمال الدف للرجال، سواء في الأعراس أو الأفراح أو غيرها من المناسبات. ويعتبر هؤلاء العلماء أن ضرب الدف للرجال هو وقوع في التشبّه بالنّساء، وهو من الكبائر. والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- لم يُشرع لأمّته الاجتماع على اللهو والضرب بالدف. بل جاءت الرخصة في اللهو خاصّةً بالنّساء في مناسبات الأفراح مثل الأعراس والولادة والخِتان. ولم يُعرف عن أحدٍ من أصحاب النبيّ -رضي الله عنهم- أنّه كان يضرب بدفٍّ أو يصفّق بكفٍّ. بل جاء عن السلف الصالح -رحمهم الله- أنّهم كانوا يعدّون من يفعل ذلك من المخانيث.
في الختام، تبقى مسألة حكم الدف للرجال محل خلاف بين العلماء، ولكل فريق أدلته التي يستند إليها. ومع ذلك، فإن اتباع سنة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- والسلف الصالح هو الأساس في تحديد الأحكام الشرعية.