قصة سد مأرب العظيمة للأطفال

في قلب جزيرة العرب القديمة، تحديدًا في اليمن اليوم، تشير رواية تاريخية غنية إلى أحد أعظم المشاريع الهندسية التي عرفتها الإنسانية: "سد مأرب". هذه القصة

في قلب جزيرة العرب القديمة، تحديدًا في اليمن اليوم، تشير رواية تاريخية غنية إلى أحد أعظم المشاريع الهندسية التي عرفتها الإنسانية: "سد مأرب". هذه القصة ليست مجرد سرد لتاريخ معماري مذهل، ولكنها تحمل دروسًا أخلاقية عميقة وغنية بالمواعظ.

"مأرب"، كما يُعتقد، مشتق من الفعل "أرب"، والذي يعني الاحتياج أو الرغبة الملحة. ربما اختارت قبيلة سبأ هذا الاسم للسدة باعتبارها مصدر حياة هائل بالنسبة لها، إذ خدمت كمخزن رئيسي لمياه الأمطار الغزيرة التي كانت تهطل بكثافة خلال مواسم الربيع.

تم البدء ببنائها وفقًا للتقاليد الشعبية بواسطة الملك سبأ بن يعرب نفسه. لكن رغم جهوده المكوكية، لم يتم الانتهاء منها أثناء حياته. تولت مهمة البناء لاحقا قبيلة حمير، وهي واحدة من أقوى القبائل العربية الجنوبية آنذاك. قامت ببناء هذا الهيكل العملاق عبر تضاريس صعبة بين جبlatinين ضخمتين، محاطا بسور دفاعي كبير عُرف باسم "العرم".

كان الهدف الرئيسي لبناء السد واضحا للغاية: التحكم في الفيضانات السنوية الناجمة عن هطول الأمطار بغزارة، وتحويلها لصالح الزراعة الدائمة والأمن الغذائي. قبل ظهور السد، كانت المنطقة تعاني بشكل دوري من الجفاف والعطش المدمرين. وحسب الروايات التاريخية، كان بعض السكان يفقدون حياتهم بينما تغرق أخرى تحت المياه الراكدة بعد انتهاء الموسم المطري مباشرة.

لكن لهذه القصة جانب مظلم أيضا. رغم الرحمة الإلهية التي ظهرت بتوفير مثل تلك المنارة الحيوية للحياة، فإن سكان المدينة قد تجاهلوا تبجيل ونفع هذه البركة المقدمة من الأعلى. لقد أبعدوا الدعوات الدينية المتكررة التي جاءت عبر رسالة العديد من الأنبياء الذين أرسلهم الله إليهم لتحقيق الوحدة والتوجه نحو خالق الكون الواحد فقط. بدلا من الامتنان والإخلاص لله جل جلاله، رد الناس برسالة تحديه وعدم الاعتراف بالنعم التي منحوها إياهم.

وقد أدى هذا الوضع الأخلاقي المعوج إلى عقاب رهيب حسب الكتاب المقدس الإسلامي الكريم. عندما وصل الاستكبار إلى أعلى مداه، قررت قوة القدير التدخل مرة أخرى لإعادة الخطوط الحمراء. دارسة خطورة عدم تقديره للنعم الإلهية، أمر الله بإرسال كارثة طبيعية هائلة؛ انهيار مفاجئ لجدار السد الضخم مما أدى لسريان المياه الهادر خارج حدود نظام الفيضان الطبيعي المعتمد عليه سابقاً . لن تقوم مدينة الحدائق الجميلة بالأراضي المحصورة خلف السدا مجدداً قط! عوضا عنها تحولت تلك الأرض خصوبةً ذهيبة واحدة ذات يوم إلى مساحة أصبحت غير قابلة للحياة تقريباً بسبب دخول الأعشاب الضارة والخام والحمضية وغير المفيدة كالاثل والشوك والسدر البعيد عن التنقل والاستخدام الحقيقي للإنسان وغير الملائم حتى للغزلان !!! فكانت تلك النتيجة نتيجة منطقية طبيعية لحالتك المالية غير المحظوظة والتي تصل للعشق وليس للشقاء !

وفي نهاية الأمر ، يحمل لنا الحديث عن سد مارق درس عملي واضح بشأن ضرورت التفاؤل والثقة بالقضاء والقدر المقترن بالإنتاج والبذل خاصة حين يتعلق الأمر باستخدام موارد صنعها الإنسان ولم تخلق أصلا مهما بلغ تأثيرها الكبير والصغير ؛ إضافة لذلك يدحض إمكاناته المادية كذلك فهو ليس سوى جزء صغير جدا يقابله القدرة الكلية لفاطر الكون وخالقه الأصلي !! وهناك نقطة ثالثة تستخلص من سلوكيات مجتمع آل عمران السابق ذكرهم : إنها فداحة الكراهية لعظمة التعاون فيما بين أفراده وجهده وانتشار روح التعايش السلمي ضمن مجموعات متجانسة اجتماعيا وعائليا تمثل جوهر توافق وتفاعلات فعاله لكل فرد داخل المجتمع الكبير المحيط بهم جمعيّا !


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات