الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
حديث "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه" هو حديث صحيح، ورد في عدة طرق عن أنس بن مالك رضي الله عنه. أخرجه البيهقي في "الشعب" عن أنس مرفوعاً: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر". كما أخرجه الحاكم في "المستدرك" عن أنس مرفوعاً: "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الباقي". وقد حسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب".
هذا الحديث يدل على أهمية الزواج في حياة المسلم، حيث يعتبر الزواج نصف الدين. ومعنى ذلك أن الزواج يحصن فرج المرء، ويحميه من الوقوع في الفاحشة، مما يعزز عفته ويقربه من الله تعالى. كما أن الزواج يساعد على تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي، مما يساهم في بناء مجتمع صالح.
وقد فسّر القرطبي هذا الحديث بقوله: "من تزوج فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الثاني". أي أن النكاح يعف عن الزنى، والعفاف أحد الخصلتين اللتين ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما الجنة.
وفي هذا السياق، قال الغزالي في "إحياء علوم الدين": "وقال صلى الله عليه وسلم: من تزوج فقد أحرز شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني". وهذا أيضاً إشارة إلى أن فضيلة الزواج تكمن في التحرز من المخالفة تحصناً من الفساد، فكأن المفسد لدين المرء في الأغلب فرجه وبطنه، وقد كفى بالتزويج أحدهما.
وبالتالي، فإن الزواج ليس مجرد ارتباط شخصي، بل هو جزء أساسي من الدين الإسلامي، يساعد على تحقيق العفة والاستقرار النفسي والاجتماعي. ومن لا يستطيع الزواج لعجزه عن لوازمه، فهو معذور، وعليه أن يحمل نفسه على العفة والصبر، وليكثر من الصيام دفعا للشهوة، وتفاديا للوقوع في الإثم.
والله أعلم.
