تتمثل الحكمة من بناء الكعبة بشكل رئيسي في أنها رمزٌ للهداية والإيمان، ومكان تجمع المسلمين من مختلف أنحاء العالم، مما يجسد روح الوحدة والأمن الروحي. فهي ليست مجرد مبنى حجري، بل نقطة جذب روحية تجذب القلوب نحو توحيد الله سبحانه وتعالى.
معاني هذه المكانة العظيمة تتضح عبر عدة جوانب أساسية:
أولا، كونه قبلة المسلمين في صلواتهم التي يؤدونها خمس مرات يومياً، وهو الأمر الذي حرص عليه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم عندما صدرت الأوامر بتغيير القبلة إلى الكعبة الشريفة. وهذا التحول يشير إلى انتصار الحق ودحض ادعاءات اليهود الذين كانوا يحاولون تثبيط عزائم المسلمين بإشارتهم المستمرة إلى ارتباط قبلتهم بمقدساتهم القديمة. اختيار الكعبة كمزار للعبادة يكشف عن هدف سام هو تعزيز الشعور بوحدة الدين والمجتمع المسلم.
بالإضافة لذلك، تعتبر الكعبة ملتقى للحجاج والمعتمرين الذين يقصدونها سنوياً لإتمام شعائرهم الدينية. طواف الكعبة يعد واحداً من أهم مراسم تلك الفرائض، وهو فعل عبادي عميق المعاني يوحد بين المنتظمين بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو الاجتماعية المختلفة.
بالنظر إلى تاريخ تشييد هذا المبنى المقدس، يمكننا رؤية نسجه التاريخي الغني والذي يشهد على قوة رسالتها وسامية غاياتها. بداية من سكن الملائكة لها أول مرة، مرورًا بدخول آدم عليها حسب بعض الروايات، وانتهاءً بزيارة سيدنا ابراهيم واسماعيل عليهما السلام بناءها وفق دعوة ربانية مباشرة منهما لتدعيم أساساتها وإعادة ترميمها بعد تهدُم سابق. تضفي هذه المقاطع الدهشة علينا بشأن دور البشر الأعلى –النبيان Ibrahim Ismail- وكيف برزا هناك تحت توجيه مباشر من الخالق نفسه ليعمرا بيته المبارك.
إن فهم دلالات عملية إعادة الترميم ليس مجرد معرفة بسيطة بتاريخ معماري وإنما يقظة لتحقيق مهماته الرسالية المهمة في قلب عالم الإنسانية جمعاء منذ القدم حتى اليوم الحالي مستقبلاً أيضا لأن فيها يدل ذلك مجازيًا على وجود مشيئة سامية تنطلق منها جميع العقائد والمبادئ المرغوب بها والتي تسعى جاهده للتأكيد والتوضيح بما يرضي الرب جل وعلى وحفظ للأمة الإسلامية خاصة وللعرب عامة وللبشرية عامة كذلك .
وفي النهاية تبقى الرؤية المستقبلية الواعدة لهذه المؤسسة مقدسة ترتكز على ثقتنا الراسخة بأنه مهما كانت سرية الأحكام الشرعية غير معروفة لنا إلا أنه يجب الاعتراف بحكمتها المطلق وأن تقبل كل حكماته مطمئنين صادقي اليقين بالإخلاص له عز وجل وطاعة متوجسين خاضعين لما قدره العزيز القدير الحليم الكريم الرحيم ...آمين يا رب العالمين!