كان أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- أحد أشهر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم تمسكاً بالدين الإسلامي. اشتهر بصبره وتقواه وحسن خلقه وصدق حديثه ونكران نفسه والتزام العدل والإحسان إلى خلق الله. ولد قبل البعثة النبوية بثلاث سنوات تقريباً في منطقة غفار بالقرب من المدينة المنورة لعائلة كريمة كانت معروفة بحسن الدين والخلق الطيب. عندما بلغ الخامسة عشرة دخل الجاهلية ولكن لم يلبث فيها طويلاً حتى أسلم بعد سماع دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام مباشرةً. كان أول صحابي يدعى لأكل الطعام مع الرسول الكريم وذلك يوم فتح خيبر.
تتميز شخصية أبي ذر بشجاعة نادرة وخفة ظل مميزة جعلته محط اهتمام الكثيرين ممن التقوا به سواء كانوا مسلمين أم كفاراً، فقد استطاع جذب قلوب الناس إليه بسبب صفاته الحميدة وشخصيته الصادقة. فقد روى الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله قصصاً عديدة حول فضائل هذا الصحابي الجليل وصفاته الرائعة والتي تناقلتها كتب التاريخ والسير. ومن أهم هذه الصفات الصدق والصراحة والكرم والجود والنبل والأمانة والعفة. كما عرف عنه زهده وعدم الاكتراث بمظاهر الدنيا وزخارفها الزائلة مما جعله مثالاً يحتذى به لكل مسلم يرغب بالسير وفق خطى الأنبياء والرسل عليهم السلام.
إن حياة أبي ذر وعلمه ومعرفته بالحلال والحرام هي مصدر تثقيف وموعظة للمؤمنين اليوم؛ فهو خير قدوة لمن يريد اتباع نهج الحق والاستقامة طريق الحياة الفاضلة المؤدية للجنة بإذن الله تعالى. لقد ترك لنا تراثاً دينياً وفكرياً عميق التأثير والذي مازال له وقع كبير لدى المسلمين حتى وقتنا الحالي. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم جميع الشهداء والصديقين وأن يسعدنا بصحبة أهل القربات في جنات الخلد. آمين يا رب العالمين!