في الإسلام، يحق للمؤمن أن يدعو على من ظلمه، وفق شروط محددة وضوابط شرعية دقيقة. وقد ورد دليل ذلك في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنين يوسف". إلا أنه يستحب للمسلم أن يسلك طريق المغفرة والمسامحة، فكما جاء في القرآن الكريم: «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» [الشورى:40].
يحرم على المؤمن أن يدعو على ظالمه بالضلال والتدهور الأخلاقي أو الروحي، فهذا مخالف لأمر رب العالمين بتوطيد الرحمة ونشر الخير بين البشر. كما قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: "ودوا لو تدهن بهم" [القلم:8]، مما يعني عدم الرغبة في الضرر لهم حتى وإن أساؤوا إليك. إن الدعاء ضد هدى الآخرين ليس فقط غير مشروع بل يمكن اعتباره انتهاكا لحرمة قدرة الله عز وجل وحكمة تقديره للأرزاق والمآلات.
ومن جانب آخر، فإن لعفو المسلمين وفائضهم تأثير كبير ومقدرات عظيمة بحسب ديننا الحنيف. يعبر العفو عمّا فوق مجرد ترك الانتقام عند وجود فرصة لذلك؛ إنه اختيار طوعي للتسامح والإيثار فوق الشعور الطبيعي بالحاجة للانتقام. وهذه صفاته السامية للنفس الإنسانية ترقى بها لنيل رضا الرب والجنة يوم القيامة بإذن الله.
وفي ختام الأمر، رغم المشروعية المحدودة للدعاء على الظالم باسمه، يبقى التوجه نحو الطريق الشبيه بالإلهي للعفو والعطف أكثر تناسبا مع روح الدين القائمة على نشر المحبة والتراحم بدلاً من التحريض والكراهية.