في عالم القصص الدينية العظيمة، تأتي قصّة نبيّ الله يحيى -عليه السلام- لتُبرز لنا صورةً رائعةً للصبر والتزام الطريق المستقيم حتى في وجه المصاعب الشديدة. يُعدّ نبيّ الله يحيى واحداً من أشهر أنبياء بني إسرائيل الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم. وعلى الرغم من قلة التفاصيل المذكورة عنه مقارنة بالأنبياء الآخرين، إلا أنها تكشف جانبًا رائعًا ومؤثرًا من سيرته.
ولد النبي يحيى لوالدين متقدمين في السن هما زكريا وزوجته إليزابيث، وهي امرأة عاقر لم تنجب أطفالاً قط. وكان هذا الولادة معجزة لإرضاء الدعوات الصادقة التي رفعت إلى الله طلباً للحصول على طفل. عندما ولد يحيى المبارك، اختاره أبوه زكريا كرسول لله منذ الطفولة المبكرة، مدركًا القدرات الفريدة والهداية الإلهية التي سيحملها ابنه فيما بعد.
أصبح يحيى شابًا ملتزمًا بتعاليم الدين الإسلامي الصحيح وهو صغير العمر بالفعل؛ إذ كان معروفًا بنزاهته واستقامته وحكمته. كما أنه امتلك القدرة الفذة على فهم اللغة العربية والفصحى رغم نشأته ضمن مجتمع غير عربي. كانت هذه المواهب جزءًا أساسيًا من مهمته المنتظرة كمبلغ مرسل من قبل الرب عز وجل.
مع نمو شهرة يحيى ورسالته، واجهه تحديات كبيرة بقيادة الملك هيرودس الحاكم الظالم وقتذاك. رفض يحيى قبول مطالب الملك الخاطئة وأدان تصرفاته اللاإنسانية مما أغضب الأخير بشدة. لكن بدلاً من الانكسار أمام مثل تلك الضغوطات، ظل ثابتًا راسخ القدمين وثابت العقيدة حتى النهاية. انتهى الأمر بمقتل يحيى برجم حجرٍ بطلب مباشر من الملك الغاضب بسبب مواقف الصحابي الجليل الواضح لصالح العدالة والإصلاح الاجتماعي.
وتبقى حياة وصبر النبي يحيى عبر التاريخ دروسا مؤثرة لنا جميعاً حول قوة الثبات والقناعة بالقضاء والأمر الإلهيين مهما بلغت شدتها الظروف المحيطة بنا. إن إخلاصه وإيمانه الراسخ مثال يحتذى به لكل مسلم يسعى لتحقيق التقوى والاستقامة وسط المحن اليومية المختلفة التي يمكن أن تواجهها حياتنا.
