• صاحب المنشور: عبد البركة الصقلي
  
  ملخص النقاش:
  في مواجهة تحديات تغير المناخ المستمرة، تواجه الأمة الإنسانية تبعات خطيرة تمس أهم جوانب حياتنا جميعاً: الأمن الغذائي. تعتبر الزراعة العمود الفقري للاقتصاد العالمي، كما أنها مصدر رئيسي للغذاء للبشرية بأسرها. إلا أن التأثير السلبي لتغير المناخ على هذه القطاع الحيوي يهدد مستقبل الغذاء العالمى بطرق متعددة ومتشابكة.

ارتفاع درجات الحرارة وأثارها المدمرة

زيادة متوسط درجة حرارة الأرض يؤثر مباشرة على عمليات المحاصيل والنباتات الأخرى التي تعتمد عليها كبرى الشعوب للحصول على غذاءها الأساسى. عندما ترتفع درجات الحرارة فوق المعدلات الطبيعية لفترة طويلة، يمكن أن تتسبب في جفاف التربة وانخفاض إنتاجيتها، مما يقود إلى انخفاض الإنتاج الزراعي وبالتالي نقص الغذاء المتاح للمستهلكين. بالإضافة لذلك، فإن الانحباس الحراري يتسبب أيضاً في حدوث موجات حر شديدة وتحمض المياه الجوفية وارتفاع مستوى سطح البحر الذي غالباً ما يعيق حقول زراعية واسعة ويؤدي إلى فقدان موارد أرضية ثمينة يستخدمها المزارعون منذ قرون مضت لإنتاج الطعام لكوكبنا.

التطرف فى الأحوال الجوية: ضربة موجعة للأمن الغذائى عالميا

يتزامن تأثيرات الطقس المتطرفة مع ظاهرة الاحتباس الحراري؛ حيث نشهد زيادة عدد وشدة الظواهر الجوية القاسية مثل الأعاصير والزلازل والأمطار الغزيرة والجفاف الشديد وغيرها الكثير والتي تلحق خسائر فادحة بالممتلكات البشرية والبنية التحتية والموارد الطبيعية ذات الصلة بصناعة الزراعة أيضًا. إن وقوع أحداث طبيعية كارثية قد تؤدى لانقطاع الإمدادات الغذائية محليًا وعالمياً خلال فترة قصيرة نسبيًا بسبب تعطيل السلسلة اللوجستية لنقل المنتجات الاستراتيجية. علاوة على ذلك ، لابد وأن نذكر تأثير نداءات المساعدة الدولية الطارئة المتكررة نتيجة الكوارث البيئية الأخيرة والذي يأتي بتكلفة باهظة للغاية وقد يحرم الأفراد الأكثر فقراً ممن ليس لديهم القدرة المالية لشراء طعام يوم واحد فقط! وهكذا، يبدو الأمر وكأن شيئا بسيطا كهطول أمطار غزيرة أو حدث غير معتاد تماما كالذوبان المفاجئ للجليد قد يُحدث نوع مختلف تماما من المجاعة حول كوكبنا. وبالرغم من عدم وجود حل جذري لهذه المشكلة حتى الآن، لكن هناك مساعي عديدة حاليا تبحث طرق مبتكرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي باستخدام تقنيات ذكية لاستصلاح المناطق الصحراوية وإنشاء نظم الري الحديثة واستخدام الأصناف النباتية المرنة ضد التقلبات المناخية المحتملة وضمان استدامة النظام الغذائى العام ومقاومة الآفات والحشرات الضارة المستوطنة الجديدة كذلك. وفي الوقت نفسه تسعى منظومات البحث العلمي العالمية نحو تطوير بذور مقاومة للتغيرات المناخيه . إن تحسين سياسات دعم الحكومات لمجتمعاتها الزراعيه وإعطاء الأولويات العليا لحماية أغذيتهم كمورد حيوي مهم سيضمن قدر أكبر من الامان والاستقرار الاقتصاديين والدوائيين عموما لمنطقة الشرق الاوسط خاصة والعالم اجمع عامة وذلك عبر تعزيز جهود مكافحة الفقر المحلي والقضاء علي جائحات سوء التغذية والإقلال من مخاطر انتشار الأمراض المرتبطة بالغذاء والمياه نفسها -والتى ازداد ارتباط احداثها الاخيرة بنسب مرتفعه لأحوال الطقس المتقلبة حاليا-. فتطبيق تدابير فعالة لمنظومه غذائيه صحيه ضمن اطروحه بيئيه واقتصاديه واجتماعيه شامله تعد الخطوات الاولى الواجب اتخاذها لتحويل الواقع الحالي المؤلم الي واقع افضل فيما بعد.