نزلت آية "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم" في سياق رحمة الله ورفقته بعباده. فقد كان المسلمون في بداية الإسلام يتجنبون الجماع في ليالي الصيام، مما أدى إلى صعوبة كبيرة عليهم. ففي حديث البراء بن عازب، رواه البخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم، ذكر أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا صاموا فحضر الإفطار فناموا قبل أن يفطروا، لم يأكلوا ليلتهم ولا يومهم حتى يمسي.
وقد حدثت قصة قيس بن صرمة الأنصاري، الذي كان صائماً وكان يعمل في أرضه. فلما حضر الإفطار، سأل امرأته عن الطعام، فقالت له إنها ستذهب لتجلب الطعام. فغلبته عينه فنام، وجاءت امرأته ورأته نائماً، فقالت له "خيبة لك! أنمت". فلما انتصف النهار غشى عليه. فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه القصة، فنزلت الآية الكريمة: "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم".
هذه الآية جاءت كرحمة من الله لعباده، حيث علم الله أنهم كانوا يختانون أنفسهم بسبب صعوبة الامتناع عن الجماع في ليالي الصيام. فقال تعالى: "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم". فأباح لهم الجماع في ليالي الصيام، معللاً ذلك بأن النساء لباس للرجال والرجال لباس لهن، مما يقلل من صبرهم عنهن وصعوبة اجتنابهن.
وبذلك، أظهرت هذه الآية رحمة الله ورفقته بعباده، حيث خفف عنهم العبء وسهل عليهم طريق الصيام.