تعد آية "اهبطوا مصرا..." أحد المواضع البارزة في قصة بني إسرائيل وفقاً للقرآن الكريم. هذه الآية تحمل بين طياتها دروسا دينية وتاريخية مهمة. جاء الأمر بإهبوط بنو إسرائيل إلى مصر بناءً على طلب منهم بعدما ضاق بهم المكان في أرض كنعان ( فلسطين حالياً ). يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين." ثم يأمر الرب بأن يهبطوا مصر قائلا : "اهبطوا إلى مصر فإذا جاءكم رسولٌ مني فاذهبوا معه". يشير هذا المنزل المؤقت لبني اسرائيل إلى فترة الاستقرار والبقاء التي عاشتها القبيلة هناك تحت حكم فرعون الطاغوت.
كان الهدف الأساسي لهذه الرحلة هو حماية ومراقبة العدد المتزايد بسرعة لبني إسرائيل. كما أنها كانت وسيلة للحفاظ عليهم كأمة متماسكة ومنفصلة عن الآخرين. بالإضافة لذلك، فقد وضعت الظروف المصرية تحديات أمامهم مما ساعد على اختبار إيمانهم وثباتهم الديني والذي ظهر واضحاً لاحقاً أثناء محنتهم مع فرعون وجيشه.
تجدر الإشارة أيضاً أن النبي يوسف عليه السلام كان قد سبق غيره وعاش حياة ملحمية داخل مصر قبل مجيء باقي أفراد قبيلته إليها بكثير. إن حضور الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يعكس أهمية فهم واستيعاب الحوادث السابقة لتوضيح الوحي الإلهي بشكل أدق وتمكين الأجيال الجديدة بفهم تعميق لسيرة先人 والأحداث المرتبطة بها تاريخيًا ودينيًا.
وفي النهاية، يمكن اعتبار نزوح بني إسرائيل إلى مصر جزءاً أساسياً من مخطط الخالق لتحقيق غايته السامية للأمم المختلفة عبر الزمن. وقد أثبتت هذه الفترة صلابة عقيدة اليهود ورباطهم بربك الواحد رغم كل المحن والتحديات التي واجهوها خلال تلك الحقبة المضطربة والمليئة بالأحداث الجسام.
