تعود جذور فكرة السكك الحديدية القديمة إلى اليونان حوالي العام 600 قبل الميلاد عندما ابتكر الإغريق أنظمة ملاحية باستخدام الأخاديد والحفر في الطرق الصلبة لاستخدامها لنقل الجرار والخزائن الثقيلة. ومع ذلك، فقد تضاءلت هذه التقنية مع انهيار الإمبراطورية الرومانية.
لم يكن الأمر إلا مع بداية عصر النهضة الأوروبية في القرن الخامس عشر حيث شهد العالم مرة أخرى ظهور السكك الحديدية الحديثة. بدأ الأمر بطرق رصف خاصة بالعربات كانت تستخدم أساسياً في المناطق الريفية الألمانية لإفساح الطريق أمام حركة عربات جر الحيوانات. وكانت هذه الممرات مبنية من قطع خشب صغيرة تتلاءم مع بعضها البعض بشكل جيد تسمح بنقل أكثر سهولة للبضائع والأشخاص.
مع مرور الوقت, تحولت المواد المستخدمة لهذه السكك تدريجياً من الخشب إلى الحديد، مما زاد من قوتها ومتانتها. وفي عام ١٧٨٩، قدم المهندس البريطاني وليام غيسوب تصميم جديد لعجلات العربات الخاصة بالسكة الحديد والتي تتميز بخنادق داخلها تساعد في تثبيت العجلات أثناء التحرك عبر المسارات المعدنية. وكان هذا التصميم نقطة تحول هامة في تاريخ وسائل النقل البرية.
على الرغم من تقدم تكنولوجيا تصنيع الحديد، ظل الحاجة قائمة للتوصل إلى حل لمشكلة تكاليف إنتاج كميات كبيرة منه. جاء الحل في عام ١٨٢٠ حين اخترع جون بيركينشو طريقة لصهر خام الحديد المنصهر مباشرةً لتحويله إلى حديد مطايء مناسب للاستعمال في صنع السكك الحديدية بدون حاجةٍ لفترة تبريد طويلة كما هو معمول به حالياً عند تشكيل قضبان الحديد المصبوب تقليدياً.
وفي نهاية المطاف، حدث تقدّم كبير آخر نحو جعل القطارات واقعية تجاريًا بإدخال الطاقة البخارية إليها كمحركات رئيسية لها ضمن مشروع "ستوكستون وديرلينغتون" الشهير الذي بدأ العمل فيه عام ١٨٢١ واستغرقت بنائه ثلاث سنوات فقط! وبعد افتتاح الخط رسميًا بين المدينتين الإنغلزييتين "ستوكتن" و"دارلنغتن"، أصبح ممكناً للشاحنات المحملة بأنواع مختلفة من المنتجات وزوار المشروع نفسه اجتياز تلك الرحلات بتردد منتظم وبسرعات عالية بلغت ٢٤ كيوم/ ساعة الواحد لكل منها!
وقد أسهمت أهميته اقتصاديًا وثوريًا آنذاك بالتأكيد بتغيير شكل الحياة اليومية بالنسبة للسكان المقيمين حول منطقة منطقة شمال البلاد تماماً وكذلك فيما يتعلق بمراحل متقدمة التالية المتعلقة باستكمالات شبكات مواصلاتها الداخلية والدولية كذلك.-
