تُعد مدينة برشلونة واحدة من أكثر المدن تأثيرًا وثراءً تاريخيًا في إسبانيا. يرجع أصل المدينة إلى العصور الرومانية القديمة عندما كانت تُعرف باسم "باريس"، ولكنها شهدت تحولاً كبيراً خلال فترة الحكم الإسلامي تحت الاسم العربي "برشلونة". وفي القرن الخامس عشر، ازدهرت المدينة بشكل كبير بعد إعادة توحيد ممالك إسبانيا وتأسيس المملكة الإسبانية الموحدة.
في عهد الحكام المسلمين، اعتمدت برشلونة نظاماً مدنياً متقدماً شمل التعليم والأعمال التجارية والبنية التحتية الصلبة. كان بنو حفصون، الذين حكموا المنطقة بين عامي 878 و971 ميلادي، هم أول من أعاد بناء القلعة الشهيرة ("Castillo de Montjuic") التي ظلت رمزا لمدينة برشلونة عبر القرون. كما أسهم العرب في تطوير النقل البحري واستغلال ميناء برشلونة الاستراتيجي لبناء شبكة تجارية واسعة تشمل مناطق أخرى مثل شمال أفريقيا وأوروبا الغربية.
بعد سقوط الخلافة الأموية الأخيرة في غرناطة سنة 1492، دخلت برشلونة مرحلة جديدة مع بداية عصر النهضة والإصلاح الديني. شهد هذا الوقت ظهور شخصيات مهمة تركت بصمة دائمة على الثقافة المحلية والدولة الإسبانية الجديدة؛ من أمثلة ذلك خوسيه دي سافدرا وماريانو ماركي. هذه الحقبة أيضًا حرّكت عجلة الصناعة والتجارة مرة أخرى مما جعل من برشلونة مركز اقتصادي حيوي داخل الدولة الأوروبية المتنامية آنذاك.
بمرور الوقت، حافظت برشلونة على مكانتها الرائدة حتى يومنا الحالي بفضل ثروتها الفكرية والثقافية والمعمارية. لقد لعب المهندسون المعماريون البارزون مثل أنطوني غاودي دورًا رئيسيًا في تشكيل المشهد الحضري المعاصر للمدينة منذ نهاية القرن التاسع عشر وما زالوا يفعلون ذلك اليوم. تستمر شهرة جامعة برسلونا وجامعتها للعلوم والتكنولوجيا العالمية (UPC) في تعزيز مكانة برشلونة كموقع رائد للأبحاث الأكاديمية الحديثة. إنها بالفعل قصة مثيرة ومعقدة لأحد أهم مراكز العالم القديم والحديث مجتمعين في قرية صغيرة ذات يوم أصبحت الآن العاصمة الاقتصادية والثقافية لإقليم كاتالونيا.