العنصرية ضد السود: جذور الظلم التاريخي وأبعاد استمرارها

تعد مشكلة العنصرية ضد الأشخاص ذوي البشرة السوداء أحد أكثر القضايا إلحاحاً وتعقيداً التي تواجه العالم اليوم. يعود تاريخ هذه المشكلة إلى العصور الاستعما

تعد مشكلة العنصرية ضد الأشخاص ذوي البشرة السوداء أحد أكثر القضايا إلحاحاً وتعقيداً التي تواجه العالم اليوم. يعود تاريخ هذه المشكلة إلى العصور الاستعمارية والإقطاعية عندما كانت أيديولوجيات التفوق الأبيض سائدة وشرعت في تحويل الأفراد من خلفية عرقية مختلفة إلى أشياء ليس لها حقوق ولا كرامة. هذا الفصل الغير مشروع سيظل له تأثير كبير حتى يومنا هذا رغم الجهد المبذول للقضاء عليه.

في القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، بدأ الأوروبيون باستعباد السكان الأصليين للأراضي المكتشفة حديثا خلال رحلات التجارة والاستكشاف. اعتُبر البشر السود مصدر قوة عاملة رخيصة الثمن ومورد غني كما يُعتبر المعدن النفيس بالنسبة للمستعمرين الأوروبيين. أدى ذلك إلى نظام الرقيق الذي تجلى بشكل أسوأ في الولايات المتحدة الأمريكية حيث عاش السود معاناة كبيرة تحت حكم البيض الذين فرضوا عليهم العمل الشاق والمعاملات غير الإنسانية.

بعد حرب الاستقلال الأمريكية والحرب الأهلية اللاحقة، لم تتلاشى ظاهرة العنصرية تمامًا بل انتقلت بطريقة خفية ولكن مؤثرة عبر مجموعة متنوعة من الوسائل منها الترسانة القانونية والقوانين المنظمة للتعليم وغيرها. فمثلا قانون "جيم كرو" الذي صدر سنة ١٨٦٥ وكان يفرض فصل المدارس العامة والأماكن العامة الأخرى بناءً على أساس عرقي وهو ما يعني عمليا حرمان الطلاب الملونين من الوصول إلى مدارس جيدة مما يحرمهم بالتالي فرصة الحصول على تعليم جيد ومن ثم وظائف ذات رواتب أعلى مستقبلاً.

كما شكل النظام الاقتصادي أيضاً عقبة أمام تقدم المواطنين الأمريكيين من أصول أفريقية فقد وجد الكثير منهم أنفسهم مجتمعين في أحياء فقيرة بسبب السياسات الحكومية المتعمدة والتي تجعل من الصعب جدا عليهم اقتناء ممتلكات خاصة بهم والمشاركة الفعالة في الحياة الاجتماعية والثقافية بمختلف جوانبها بما فيها التعليم والتطور الوظيفي والصحة والعيش الكريم بكل المقاييس العالمية المعروفة.

إن التحولات الديمقراطية الحديثة قد جعلت بعض مظاهر العنصرية القديمة أقل بروزا لكن آثار الماضي تبقى محفورة في ذاكرة المجتمع وتظهر نفسها بين فترة وأخرى على هيئة أعمال عنيفة وكراهية واضحة تجاه الأقليات الإثنية المختلفة بما فيها تلك المنحدرة من اصول إفريقية الأمر الذي يستوجب مواصلة الجهود الدولية نحو تحقيق العدالة الحقيقية وضمان تكافؤ الفرص لجميع الناس بغض النظر عن لون بشرتهم وخلفية أصلهم الثقافي والديني وذلك تحصيل حاصل لتحقيق السلام الداخلي والخارجي للعالم قاطبة. إن عالم المستقبل بحاجة ماسّة لنشوء بيئة آمنة ومتكاملة تشجع التنوع وتمارس الاحترام العميق لكل فرد باعتباره جزءاً هاماً ودائماً من تنوع كنوز الخلق الرباني الرحيم.


عاشق العلم

18896 بلاگ پوسٹس

تبصرے