التنمر ظاهرة مدمرة تلقي بظلالها الثقيلة على حياة المراهقين، مما يؤثر بشدة على صحتهم النفسية والعقلية. يعد التنمر نشاطاً عابراً للأجيال، ولكنه ليس مجرد أمر جانبي غير ضار. بدلاً من ذلك، إنه شكل من أشكال الاعتداء الذي يستهدف خلخلة الذات والثقة بالنفس للشخص المستهدف. وفقاً للدراسات العلمية، فإن تأثيرات التنمر على المراهقين تشكل مجموعة واسعة من المشاكل الصحية والنفسية.
الأولى بين هذه التأثيرات هي زيادة خطر الانسحاب الاجتماعي والشعور بالحزن والقلق. قد يجد المراهق نفسه مضطراً لتجنب حضور الفصول الدراسية أو حتى الامتناع عن الخروج بسبب خشيته من مواجهة المعتدين عليه. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدّي التنمر إلى اضطرابات النوم والأكل واضطراب قلة التركيز العقلي. غالبًا ما يفقد الضحية الرغبة في المشاركة في الأنشطة اليومية ويتراجع أدائه الأكاديمي بشكل ملحوظ نتيجة لذلك.
ومن الناحية النفسية، يمكن أن يخلق التنمر شعورا عميقا بالاكتئاب وانعدام تقدير الذات وفقدان الشعور بالأمن الذاتي. كما أنه يدفع بعض الشباب إلى اعتبار أنفسهم مسؤولين عن تعرضهم للتنمر، وهو اعتقاد خاطئ وغير صحيح. بدوره، قد يعاني هؤلاء الأفراد من مشاعر ذنب مستمرة واتهام ذاتي مفرطين. علاوة على ذلك، فإن الحالات الطويلة الأجل للتعرُّض للتسلط تُرهِق القدرات العاطفية والمعرفية لمن هم عرضة لها، مما يقود -في أسوأ السيناريوهات– نحو التفكير الانتحاري والسلوك العدواني المضاد.
لحسن الحظ، هناك حلول فعالة لهذه الأزمة الإنسانية المتزايدة. أول تلك الحلول تتمثل في التشجيع المفتوح للحوار المفتوح داخل الأسرة حول مخاطر التنمر وآثارها المدمرة. يجب تثبيت ثقافة احترام واحتساب آراء الجميع ضمن البيئة الأسرية الصغيرة قبل توسيع نطاق هذه الرسالة خارج حدود المنزل. كذلك الأمر بالنسبة للتحالف مع الهيئات التعليمية والاستراتيجيين المهنيين الذين يعملون مباشرةً مع الأطفال والمراهقين للعمل سوياً لمكافحة الظاهرة والقضاء عليها تماماً. بالإضافة لما سبقَ ذكره آنفا، يلزم تقديم برامج توعوية منتظمة بغرض عرض تجارب واقعية لحالات مشابهة وكيف تم التغلب عليها بطرق حضارية بناءة وصحيحة علمياً. وفي النهاية، فإن تبني نهج شامل وشامل للقضية سيضمن تحقيق نتائج مثمرة ودائمة لإعادة بناء ثقة الشباب بأنفسهم وبمجتمعاتهم مرة أخرى بعد سنوات طويلة جداً من الإنكسارات الروحية والجسدية المؤلمة.
إن مكافحة التنمر ليست مهمة بسيطة ولكنها ضرورية للغاية لصيانة الحالة النفسية للسكان الصغار المحكوم عليهم بنمو عجيب وسريع خلال مرحلة انتقالها من الطفولة إلى سن الرشد المبكرة والتي تتسم بكسب خبرات حياتيه جديدة ومعقدة تحتاج لرعاية فائقة ورصد دقيق لكل تقدماتها الصغيرة والكبيرة طوال فترة تواجدها بتلك الفترة الفاصلة الحرجة عمرياً ونفسانياً واجتماعياً خصوصيتها.