القانون التجاري هو جزء أساسي من منظومة القوانين الخاصة التي تنظّم الأنشطة الاقتصادية والتجارية المختلفة. يُعنى هذا الفرع من القانون بدراسة ومعالجة العلاقات القانونية الناشئة بين الأفراد والجهات العاملة في مجال التجارة والصناعة. يشكل القانون التجاري قاعدة قانونية هامة تضمن الحقوق والمصالح لكلٍّ من المتداولين وأصحاب المشروعات التجارية عبر تنظيم العقود والمعاملات المالية والمعاملات المصرفية والعلاقات التجارية الدولية بشكل خاص. إن فهم طبيعة ودور القانون التجاري ضروري لفهم وتحقيق الاستقرار والثقة في البيئة التجارية.
يتحدد مفهوم القانون التجاري وفقاً لنظرتين رئيسيتين حول أساس تطبيق أحكامه؛ الأولى تُعرف بالنظرية الشخصية الذاتية، والتي ترتكز على كون صفة التاجر هي المعيار الرئيسي لتحديد مدى خضوع الفرد للقانون التجاري بغض النظر عن طبيعة عمله أو مهنته نفسها. وهذه الطريقة لها حدود نظر إليها بعض العلماء مثل صلاح الدين سلامة الذي رأى فيها عدم مرونة وعدم قدرة التشريع على مواكبة جميع المهنة الجديدة الناشئة لاحقاً. كما انتقد رفض اعتبار الصفة التجارية للأفعال المدنية المرتبطة بالتاجر ضمن نطاق القانون التجاري أيضاً.
بينما تقدم النظرية الثانية، وهي النظرية الموضوعية المادية، تصوراً مختلفاً للقانون التجاري باعتباره ظاهرة مستقلة قائمة بذاتها وليست مرتبطة بشخص التاجر فقط. فالتركيز هنا على عمل نفسه، مما قد يؤثر سلبياً على التقليد التقليدي لرؤية دور التجارة كممارسة احترافية متوارثة جيلا بعد جيل. وعلى الرغم من هذه السلبيات المطروحة ضد كلتا النظرتين، فإن توضيحهما يساعد في تقديم وجهات نظر مختلفة لدراسة وإدارة المسائل ذات الطبيعة التجارية داخل النظام القانوني.
وفيما خص نطاق التطبيق، يقترح بعض الفقهاء توسيع دائرة اختصاص القانون التجاري ليشمِل كافة أشكال الأعمال التجارية الحديثة والمتنوعة، بما فيها تلك المرتبطة بالمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر بالإضافة لشركات الأموال والشركات العمومية وشركات التأمين والاستثمارات الأخرى. وبذلك يستطيع التشريع اللحاق بالحراك المستمر للأعمال وإنشاء بيئة قانونية فعالة تدعم حرکة السوق المحلية والدولية وتعزز الثقة والأمان لحماية مصالح الأطراف المتداخلة في العملية الرأسمالية.