أهمية المدرسة الطبيعية: إعادة بناء التعلم وفق قواعد الطبيعة

لقد أثرت المدرسة الطبيعية، والتي شهدت نشأتها في ذروة عصر النهضة الأوروبية، تأثيراً عميقاً على وجهة النظر تجاه العملية التعليمية. جاءَت هذه الحركة كرد

لقد أثرت المدرسة الطبيعية، والتي شهدت نشأتها في ذروة عصر النهضة الأوروبية، تأثيراً عميقاً على وجهة النظر تجاه العملية التعليمية. جاءَت هذه الحركة كرد فعلٍ للتدهور الثقافي والتفريط الأخلاقي الناجم عن التحولات الاجتماعية والثقافية آنذاك؛ إذ رأى روادها ضرورةً ملحةً لإعادة تركيز النظام التعليمي حول القيم والقوانين الطبيعية.

جون جاك روسو، أحد أشهر المدافعين عن فلسفة "الأمارة"، طرح رؤية ثورية في كتابه الشهير "إمييل". اقترح فيه طريقة جديدة لتدريب وتعليم الأطفال ترتكز على قوة الطبيعة وخبراتهم الحسية المتنوعة. يؤكد أن تجارب الحياة الواقعية والتفاعل الحر مع العالم الخارجي هما المحرك الرئيس لنمو الشخصية واستقلالها الفكري. بهذا المنظور، تعد المدرسة التقليدية وكبت المشاعر والحريات الشخصية عقبات رئيسية ضد تحقيق الإنسان لأولوياته الذاتية.

تشترك فلسفات مدرسة التنوير ("البراغماتية") بعدد من المواقف المركزية. أولها نقدها للنظام الطبقي السائد حينها والذي يقسم المجتمع طبقات متباينة بحسب الملكية والأصول الجينية. يدعو هؤلاء الفلاسفة لعقلنة العلاقات البشرية المبنية على مبادئ العدالة والكفاءة وليس حسب الحقوق الوراثية التقليدية. بالإضافة لذلك، يشكل تصوراتهم للاقتصاد جزء مهم مما يُعرَف الآن بالاقتصاد السياسي الكلاسيكي؛ فهم ينظرون للإنتاج الزراعي كمصدر أساسي لكل الثروة بينما تعتبر الأعمال الأخرى مجرد أدوات مساندة لتحقيق الأمن الغذائي الأساسي.

ومن الأمثلة البارزة لفلاسفتنا هنا جان باتيست ساي وفرانسوا كينيه وهوبز وجون ستuart Mill الذين رسموا خرائط اقتصادية مفصّلة لكيفية تدفق المنتجات والسلع عبر مختلف القطاعات ابتداءً من المنتج النهائي وانتهاء بالمستهلك النهائي سواء كان فرداً أم مؤسسة تجارية.

بالانتقال لنطاق تطبيق تلك المفاهيم العلمية والنفسية نجد تفسيراً واضحا لموقفهم العام بشأن طبيعة المعرفة البشرية وآليات تشكيلها لدى الفرد الواحد. تؤكد النظرية الطبيعية أنه ليس هناك فرق جذري بين عالم الفيزياء والسلوك الإنساني - فالجميع خاضعين لقوانين ثابتة مستمدة مباشرة من قوانين الفيزياء نفسها! وبالتالي فان كلاًٌ من الفيزياء والتعلم البشري قائمان على رصد وتحليل الظاهرة بغرض تفسير ميكانيكا سيرورة الحدث وظروفه الخارجية المؤثرة عليه داخليا خارجيا.

ومهما اختلفت آراء مفكري هذه المرحلة فقد اجتمعوا حول حقيقة جوهرية وهي تحديد دور البيئة والجينات مجتمعتين كتحديد مصائر الشخص وشخصيته العامة المستقبلية؛ فهو إنْ لم يكن نتيجة مباشر لهذه التأثيرات فلا يمكن له المطالبة بحرية الاختيار إلا ضمن حدود ضيقة للغاية!. ولذلك يبدو هؤلاء الأكاديميون مكتئبين دائماً تجاه الوضع الحالي للأوضاع العالمية وغالباً ما يستخدمون ألفاظاً باردة جدًا أثناء وصفهم للعالم الموضوعي المقابل لهم كونهم يرون بأن معظم البشر هم رهينة ظروف عاشوها منذ الولادة وما زالت تتحكم بمستقبلهم مهما حاول البعض مقاومتها جاهدين!


عاشق العلم

18896 Blog indlæg

Kommentarer