تشغل علامات الترقيم مكانة متقدمة في عالم الخطاب المكتوب، فتلك الرموز الصغيرة التي تتداخل بخفة وتحكم بين كلمات الجمل تلعب دوراً أساسياً في تحديد دقة المعنى ودقة الرسالة المقدمة للقراء. يمكن اعتبارها نوافذ للتنظيم والتوجيه ضمن بناء منطقي للنص، تساعد كل منها بطابع خاص على فصل العناصر المختلفة وإنشاء بنية واضحة وجاذبة للعين والقلب والقراءة نفسها.
في الواقع، تعد علامات الترقيم جزء لا يتجزأ من الرسم الإملائي لنص حديث وسليم لغوياً. إنها ضرورية لفهم قوليات التواصل بشكل صحيح، وقد وضعت لاستخدامها وفق مراكز دقيقة داخل السطور والجمل للتأكيد والتفسير والسياق العام للإيقاع الداخلي للألفاظ والمفردات. بدون تنظيم مناسب لهذه الأحرف المعدنية، تصبح عملية فهم النص أكثر تعقيدًا وغضبًا - ليس فقط لأعين المتلقي ولكن أيضًا لعقلية المفكر الناقد. إن وجود فراغات فارغة وحركات غير منتظمة في مساحة عرض الكلام ستجعل تجربة القراءة ثقيلة ومنفرطة وغير ممتعة بالتأكيد!
يرجع السبب الرئيسي خلف الحاجة الملحة لوجود نظام شامل لعلامات الترقيم إلى قدرتها على تحقيق الانسياب الطبيعي للسرد وعرض الأفكار المضمونة داخل حدود كل فقرة. تشرح بعض الروابط البينية للجمل كيفية انتقال التفكير المنظم بينما تساهم الأخرى بخيارات مختلفة حول درجات التأكيد والدافع والشدة والحذر والنبرة العامة لكل صفحة مكتوبة. وفي الوقت نفسه، تؤدي وظائف أخرى كنقطة التعجب والاستفهام دور مهم فيما يتعلق بتغيير اتجاه المشاعر والعلاقات الثانوية عبر قطع قطاعات طويلة ومتشابهة الشكل سابقاً بفارق ضئيل لكن مؤثر للغاية بالنسبة لقارئ مستخدم لحواس عديدة أثناء عمله العقلي المركب المستمر.
ومن أشهر الأمثلة العملية لما ذكرناه سابقا تلك العلاقة الجدلية بين اختلاف حرف واحد وما يحمله ذلك الاختلاف مما يلي:- "محمد" مقابل "-محمود". ونفس الشيء يحدث كذلك لدى تطبيق قاعدة مشابهة لكن باستخدام تركيبة كاملة بنمط موازٍ لها وللحالات الأولى أيضا وهو تمامًا كالاختلاف بين عبارة :"لقد ذهب الطالب أمس." و:"ذهبتْ بالأمس إحدى الطالبات"." فالاختلاف هنا يكمن برمز الفواصل الزائدة وزمن الماضي بالإضافة لدور الضمائر المؤثرات والتي بدورها تفصل السياقات الزمانية والأجناس البشرية ذات العلاقات التاريخية والمعاصرة جنباً الى جانب... وهكذا...!!
يمكن دراسة الأنواع التالية من التقسيمات المعيارية وهي الأكثر شيوعاً اليوم نحو:الفواصل القصيرة(,) ؛النقطتان(:) ;الشوطوق (...) . علاوةعلى نقطتي الاستفهام (!) واكتشاف عجائب العالم ؟!.والنقاط الثلاث التالية تبين موقف التدقيق ('') وكذلك الأقواس []( ).جميعها توفر القدرة على توجيه أفكار المؤلف وبالتالي تخفيف عبء العمل الثقيل أمام جمهور القرّاء إذ يستطيعون التركيز بلا هموم جانبية على جوهر الحوار المقدم لهم بمزيد من الراحة النفسية والقدرة التحليلية المحسنة نتيجة تمكين العين البشرية البصرية من الحصول على نظرة ثاقبة مدروسة مليئة بالنفحات الجمالية الخاصة بفن تحرير الكتاب المقروء والذي يعد فن بذاته وعلى درجة عالية جدًا من الاحترافية بالمفهوم الأدبي الحديث والمستقبلي أيضاً ، فلا شك بأن مفردة واحدة مهما بلغت أهميتها بدون أدوات المساعدة اللازمة سوف تصبح مجرد صوت رنان فارغ الصوت خالي المضمون بل حتى أنها ربما تهدد بفقدان مكانتها الأصلية تحت وطأة تنازع الرأي والفكر عامةً . ولا يفوت الأمر ذكري لكم بأن مجالات الدراسات الأكاديمية الحديثة مصطفّة بشعار خالص وهو "المعلومات والمعلومات فقط"، لذا تأكد دومًا أنه حين تقوم باستعراض مشاريع أعمالك الجديدة فأن تقارب مسافات الاحتمالات المتعددة وارفع سقف توقعات نجاح مشروع كتابك الخاص عبر ممارسة الحقائق العلمية المطابقة لكافة شروط علم متكامل وفعال وخلاق..تحية تقدير واحترام لصناع الكلمة والعلم الإنساني الرائع!!