تُعدّ الدولة العثمانية واحدة من الإمبراطوريات الأكثر تأثيرًا في التاريخ الإسلامي والعالمي. نشأت هذه الإمبراطورية الكبيرَّة كدولة تركية صغيرة في آسيا الصغرى (تركيا الحديثة) خلال القرن الثالث عشر الميلادي. أسَّسها عثمان الأول عام 1299 م، ومن هنا جاء اسم "العثمانيين". استمر توسع الإمبراطورية بوتيرة سريعة بفضل القيادة القوية والإدارة الفعّالة والاستراتيجيات الحربية المتقدمة آنذاك.
في ذروتها، امتدت حدود الدولة لتشمل أجزاء كبيرة من أوروبا الشرقية وأجزاء أخرى من آسيا وشمال أفريقيا أيضاً. كانت إسطنبول مركز السلطة والثقافة الرئيسي للإمبراطورية، والتي شهدت تحول المدينة إلى قلب نابض للحياة الثقافية والفنية والفكرية خلال عصر النهضة الإسلامية. عزز الخلفاء العظام مثل سليمان القانوني ومراد الثاني قوة الدولة وقدرتها السياسية والتجارية.
لكن رغم هذا الازدهار، بدأ انحدار الدولة في نهاية القرن الثامن عشر بسبب مجموعة من المشاكل الداخلية والخارجية بما فيها التوترات الدينية والاجتماعية، بالإضافة إلى تحديات عسكرية حاسمة مع بعض الدول الأوروبية. أدخل السلطان محمود الثاني العديد من الإصلاحات المعروفة باسم "التنظيم"، ولكنها لم تكن كافية لوقف الانحدار التدريجي للاقتصاد والقوة العسكرية للعاصمة.
مع مرور الوقت وتحولات جيوسياسية عالمية متزايدة، فقدت الدولة المزيد من الأراضي لصالح القوى الأوروبية الناشئة حتى انهارت بشكل نهائي عقب الحرب العالمية الأولى عندما تم توقيع معاهدة سيفر التي أنهت رسمياً وجود الدولة العثمانية كما عرفناه. ومع ذلك، فإن التأثير العميق لهذه الإمبراطورية يبقى واضحاً في الثقافات والأديان والمجتمعات عبر العالم حتى اليوم.