في اللغة العربية الفصحى، يعد ترتيب كلمتي "المبتدأ" و"الخبر" أمرًا مهمًا للغاية ويؤثر بشكل كبير على دقة المعنى وبلاغة العبارة. يشير مصطلح "المبتدأ" إلى الجزء المقدم من الجملة والذي يحدد الموضوع الرئيسي لها، بينما يُطلق اسم "الخبر" على القسم الثاني الذي يكمل معنى المبتدأ ويضيف إليه وصفًا أو تفصيلاً. يتميز هذا الترتيب بوضوح وروعة خاصة عندما يُقدَّم المبتدأ أمام الخبر.
إن تقديم المبتدأ على الخبر يعزز سهولة فهم الجملة ويمنحها طابعاً أخبارياً مباشراً وجريئاً. فعلى سبيل المثال، بدلاً من قول "هو الطبيب الشاب"، يمكن استخدام الصياغة الأكثر فاعلية وهي "الطبيب الشاب هو". هنا، يؤدي وضع لقب المهنة ("الطبيب") أولاً ثم إضافة وصف العمر ("الشاب") ثانياً دوراً أساسياً في توضيح التركيز الرئيسي للجملة وهو مهنة الشخص وليس عمره فقط. إنها طريقة مباشرة وربما أكثر تأثيراً للتعبير عن نفس الفكرة مقارنة باستخدام عبارات غير مرتبة مثل "الشاب هو الطبيب".
بالإضافة لذلك، فإن تقديم المبتدأ غالبًا ما يستخدم لأسباب بلاغية عند الرغبة بإعطاء أهمية خاصة للمعنى المقابل لمفردة معينة. وذلك لإحداث تأثير أكبر لدى المستمعين والقراء، مما يحقق الهدف البلاغي الأسمى وهو جذب انتباه الجمهور نحو نقطة محورية بالنظر إليها وتناولها تفصيلياً.
هذه التقنية ليست مجرد قاعدة نحوية بل هي مفتاح لفهم عميق للنصوص الأدبية والشعرية والعناصر التي تساهم بتصوير المشاهد وتعزيز تألق الصور البيانية فيها. فهي تسمح للكاتبات والكتاب بالتلاعب بالتراكيب الكلامية وتحقيق توازن جذاب بين عناصر متناسقة ومتنوعة داخل الجملة الواحدة.
ختاماً، إن مراعاة تقديم المبتدأ على الخبر ليس شرطا مطلوبا دوماً ولكنه قد يفيد جداً في حالات مختلفة لتوفير انسيابية إضافية لجملتنا ومراعاتها للأذواق المختلفة للقارئ/القارئة بالإضافة لعرض أفكار واضحة ومعبرة بطريقة موضع اهتمام خاص.