- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
في عالم يتزايد فيه عدد السكان بسرعة ويتغير المناخ باستمرار، تواجه الزراعة وصناعة الأغذية تحديات كبيرة. هذه التحولات ليست مجرد تغيرات جغرافية أو تقنية؛ إنها تعكس تحولات اجتماعية واقتصادية عميقة هي جزء لا يتجزأ من مساعينا لتحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية.
### التغييرات الديموغرافية والتغذوية
مع توقع زيادة سكان العالم إلى حوالي 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050 وفقاً لتوقعات الأمم المتحدة، ستكون هناك حاجة ملحة لزيادة إنتاجنا الغذائي بنسبة تتراوح بين 60% و110%. هذا يضع ضغطا كبيراً على مواردنا الطبيعية ويستدعي تطويرا مستداما للممارسات الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تغيير النمط الاستهلاكي نحو المزيد من البروتينات الحيوانية والنظم الغذائية ذات الكثافة العالية سيؤدي أيضا إلى زيادة الطلب على المياه والأراضي والموارد الأخرى بشكل أكبر.
### التأثير المتغير للطقس والكوارث الطبيعية
يتسبب تغير المناخ في ظواهر جوية متطرفة أكثر تواترا وشدة مثل الجفاف والعواصف والأمطار الشديدة التي تؤثر بشدة على المحاصيل ومزروعات البشر والحيوان. مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، قد تصبح بعض المناطق غير صالحة للإنتاج الزراعي التقليدي مما يدفع المجتمعات البحث عن حلول جديدة. وبينما يمكن للنباتات المقاومة للجفاف والأعلاف البديلة المساعدة في مواجهة هذه التحديات، إلا أنها تحتاج إلى دعم تكنولوجي وتنظيمي قوي لتطبيق واستخدام فاعل.
### دور الثورة الصناعية الرابعة
توفر التقنيات الذكية الحديثة فرصًا جديدة للتكيف مع البيئة المتغيرة للغذاء العالمي. تعتمد الزراعة الرقمية على البيانات الضخمة والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتحليل الصور الأقمار الصناعية لرصد حالة التربة وأحوال الطقس ومتطلبات النباتات الفردية. ومن خلال استخدام الروبوتات والإضاءة الآلية وغيرها من أدوات العمل اليدوي المدعم بالذكاء الاصطناعي، يتم تحسين جودة المنتجات وتقليل هدرها وتعزيز الإدارة المستدامة للمياه والمعادن الأرضية النادرة المستخدمة حالياً بكثرة في المجالات الزراعية والصناعات المرتبطة بها.
### الفرص الاقتصادية والاجتماعية الجديدة
بينما نواجه تحديات عديدة، فهناك أيضاً العديد من الفرص الواعدة. إن انتقالنا نحو الاقتصاد الدائري حيث تصبح المواد القابلة لإعادة التدوير أساس العملية الانتاجية، سوف يخلق بيئة أعمال قائمة على إعادة الاستفادة وإعادة التصنيع والتي تقلل كثيرا من تأثير عمليات الإنتاج الأولية على البيئة والمجتمعات المحلية. كما تسهم ريادة الأعمال الخضراء في خلق فرص عمل مجزية ضمن مجال الخدمات اللوجستيه وفروع التجارة الإلكترونية المستدامة وغيرها الكثير. بالتوازي مع ذلك، تشهد القطاعات الريفية تهجيراً تدريجيّاً للسكان الشباب بحثاً عن حياة أفضل خارج حدود مجتمعاتهم الأصلية؛ ولذلك ساهم ظهور مشاريع صغيرة قائمة على الانترنت بتزويد هؤلاء الشباب بإمكان الوصول لمجموعة واسعة من الأسواق المحلية والدولية عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة. وفي الوقت ذاته تستعيد منظومات الاغنام وغيرها من المصادر الحيوانية أهميتها كمصدر غذائي مهم ليس فقط بسبب احتوائها لحصة جيدة من الدهون الصحية والمعادن ولكن أيضًا لأنها أقل عرضة للعوامل المؤذية الناجمة عن الاحتباس الحراري مقارنة بالنباتات والثمريات المعتمدة أساسياً عليها نظاما طبيا المعاصر حول العام. كذلك تقدم شركات مبتكرة خدمات مبتكرة مثل توصيل الطعام محليا باستخدام الدراجة الهوائية بدلاً من السيارات الخاصة المخلفة لطرود غازات ثاني أكسيد الكربون مما يساهم بخفض مستوى انبعاثاتها بصورة فعالة جداً. أخيراً وليس آخراً، يُمكن للشباب اليوم فرصة التعلم العملي داخل المشاتل الزراعية الصغيرة وكذلك المدارس التجارية المتخصصة بطرق زراعة الأعشاب البحرية والفطر وخلال فترة قصيرة نسبياً ليصبح لديهم دخل ثابت وقدر كبير بالإحتفاظ بممتلكاتهم الشخصية بعيداٌ عما يسمى "الأعباء المالية" للحياة المدينة المصطنعين. لذلك تعد هذه الحالة سنة مثمرة
عبدالناصر البصري
16577 Blog indlæg