يتمثل العقل البشري بمجمله في شبكة معقدة من العمليات التي تمكن البشر من إدراك وتفسير العالم من حولهم. هذا النظام المعجزة ليس مجرد مساحة مادية داخل الجمجمة؛ بل إنه خلية حيوية تتواصل باستمرار مع البيئة الخارجية عبر الحواس المختلفة - سواء كانت رؤيا، سمع، لمس، طعم، أو رائحة. يتم تحويل تلك المدخلات الحسية إلى معلومات ذات مغزى ومعالجتها بواسطة دماغنا.
الدماغ نفسه يقسم عمومًا إلى نصفين: نصف دماغ شمالي ونصف دماغ جنوبي. كل نصف له اختصاصاته الخاصة التي تكمل الأخرى بشكل متناسق. بينما يلعب الجانب الشمالي دور المحلل المنطقي والاستراتيجي، يقوم الجنوب بالتفاعلات العاطفية والابداعية. وعلى الرغم مما يبدو عليه الانفصال الظاهري لهذه الوظائف، الا ان هناك توافق وثيق يحدث بينهما يؤدي الى عمل متناغم ودقيق للغاية.
بالحديث عن العقل البشري نفسه، فهو يشمل جزئيين رئيسيين هما "العقل الواعي" و"العقل اللاواعي". يعمل العقل الواعي أثناء حالات الاستيقاظ ويتولى حوالي ١٠٪ فقط من عمليات التفكير اليومية لكن الأكثر تأثيرًا منها مثل التركيز والإبداع. اما العقل اللاواعي فهو المسؤول عن غالبية الأعمال الداخلية للعقل بما فيها تخزين وحفظ الكثير من المعلومات ذات الطبيعة غير منطقية وغير منطقية تمامًا! وقد تلخص أهميته بطريقة بسيطة وهي انه حتى عندما نسترخي نياما، فاللاوعي مستمر بنفس نشاطه المعتاد.
وفي العمق، يعكس فهم كيفية سير الأمور عقلياً مدى عجيب القدرة البشرية الهائلة. فتخيل كمية التعامل مع الكميات الضخمة للبيانات التي تستقبله كل ثانية ثم إعادة توجيهها لتشكيل أفكارنا وردود أفعالنا واتخاذ قرارتنا.... إنه بلا شك دليل واضح وفريد أن الله سبحانه وتعالى قد خلقه على صورة جميلة ومتكاملة حقاً.