ولد أبو تمام، واسمه الكامل حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، حوالي العام 809 ميلادي في منطقة جاسم بسوريا. عرف بملامحه البارزة كطول قامته وصوته الدافئ وخلفيته الثقافية الواسعة. رغم خلفيته المتواضعة، فقد غدا شاعراً بارزاً خلال العصر العباسي المبكر بسبب موهبته الاستثنائية وحبه للتعلم المستمر.
كان لرحلة أبي تمام عبر العالم العربي تأثير عميق على نموه ككاتب. بدأ حياته العملية في مصر، يعمل في تنقية المياه، لكن اهتمامه بالأدب دفعته نحو بيوت العلماء والمعلمين الشهيرة آنذاك. تتضمن فترة وجوده هناك حضوره لمدرسات المواد الدينية المختلفة بما فيها الفقه والشعر والفلسفة. بالإضافة لذلك, أثبت نفسه كمترجم محترف للعديد من الأعمال الأدبية ذات الشعبية المرتفعة حينئذٍ.
انتقل لاحقاً إلى الإسكندرية حيث أمضى فترة طويلة قبل مغادرته نتيجة لمساندته السياسية المحافظة والتي أدت لتصادمه مع بعض الشخصيات المؤثرة مثل عباس بن لهيعة. وبعد ذلك انتقل بشكل دوري بين المدن الرئيسية داخل الدولة الإسلامية: دمشق وبغداد. وكانت هذه الرحلات مصدر إلهام كبير لتحفظه العديدة حول المواضيع المتنوعة بدءً بالمآثر البطولية مرورا بالحزن والنسیب ووصولا للتعبيرعن جمال الطبيعة وصفوف المعارك.
يتميز ديوان "الحماسة" - وهو واحد من أشهر أعمال أبي تمام- بأنه عبارة عن مجموعات مختارة من الأشعار من مختلف الحقبات التاريخية تحت عناوين فرعية عديدة تشمل الأدب والحكمة الرثائية والسخرية وغيرها الكثير مما يعكس قدرة الشاعر الكبيرعلى الاحتفاء بكافة جوانب الحياة البشرية والتاريخ والثقافة الغنية للعرب. ولم تكن مجرد عملية جمع وإنما كانت أيضاً اختيار مدروس لكل قصيدة بناءًعلى مدى ارتباطها بفکرالشاعر وأسلوبه الخاص .لقد سلط الضوء فقط على تلك المقاطعالتي تعكس أفكاره وتوجهاتها الاجتماعية والنفسية الخاصة وذلك استناداً الى فهم عميق للنفس البشرية وآليات العمل الاجتماعي والقيم الجمالية للأدب العربي التقليدي.
بالإضافة لديوانه للحماسة ، ترك لنا أيضا كتاب "فحول الشعراء"، والذي يعد دليل تاريخي نقدي حيث يقود القرّاء عبر رحلة لاستكشاف شخصيات مشاهير الكتاب القداما ومناقشة مواطن قوتهم وضعفهم بازالة الستار عن أسرار مهاراتهم المؤلفة. أما بالنسبة لإنجاز آخر مهم يسمى "نقائض جريروالأخطل" فهو عمل بحثي معمّق يناقش تفاصيل الخلاف الشعري بين الرجلين العريقين لجريروأخطلهاذي تعد واحدة من ابرز المناوشات الأدبية المثيرة للاهتمام في تاريخ الادبالعربي الحديث . وفي نهاية المطاف فإن مؤلفاته الأخرى وهي : 'مختارتشعرقبيلة' , 'ديوانشعره'. جميعها تقدم رؤى جديدة واستنتاجات فريدة حول حياة الإنسان اليومية وتعكس براعة عبقرية ابوتمام كشاهد حقيقي لحقبة زمنية هامة جدافي تاريخ الامجاد الانسانية . إنه حقا شخصية تستحق الدراسة والاحترام لما قدمه للإبداع الإنساني والتراث الإنساني الثمين.