الدورة الدموية الكبرى هي أحد أهم الأنظمة الفسيولوجية التي اكتشفها العلماء، وهي المسؤولة عن نقل الأوكسجين والمواد المغذية الضرورية إلى جميع خلايا الجسم وتنقية النفايات منها. يعتبر الإيطالي أندريهاس فيسالوس أول من وصف بشكل دقيق الدورة الدموية الكبرى في القرن السادس عشر. ولكن، إن الجدل حول "مكتشف" هذا النظام البيولوجي المركزي يستمر حتى اليوم بسبب الاضطراب التاريخي للأبحاث الطبية في تلك الفترة الزمنية.
بدأ استكشاف الدورة الدموية مع عمل الطبيب اليوناني گالينوس، الذي عاش بين 129 و216 ميلادي تقريبًا. قدم غالينوس نظريات مثيرة للجدل حول كيفية دوران الدم عبر الجسم، لكن الكثير مما اقترحه كان مبنيًا على التجارب الحيوانية وليس البشر. ومع ذلك، فإن عمله وضع الأساس لمن سيتبعوه.
في القرون التالية، واصل العلماء البحث والتجربة لتحسين فهمهم لهذه العملية الحيوية. وفي عام 1543، نشرت كتاب "عشر رسائل فسيولوجية"، والذي يحتوي على فصل مهم كتبه ويليام هارفي، وهو طبيب إنجليزي بارز. هنا، طرح هارفي فرضية أن القلب هو المحرك الرئيسي للدورة الدموية، وأنه يعمل بطريقة متكررة لضخ الدم عبر الشرايين والأوردة. هذه الفرضية كانت ثورية ومختلفة تماماً عما سبق وأن اقترحت.
بالانتقال إلى عصر النهضة العلمية، جاء دور أندرياس فيسالوس، عالم التشريح الشهير. خلال إجراءاته التشريحية المتقدمة التي أجراها على أجسام الموتى، رصد فيسالوس بنفسه كيف ينتقل الدم من القلب - القوة الدافعة الرئيسية كما قرأ في أعمال هارفي - ويتحرك ضمن شبكة معقدة ومترابطة من الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية قبل العودة مرة أخرى للقلب لتبدأ الرحلة مجدداً. صورته الرسومية المعروفة والتي تصور نظام الدورة الدموية تشهد لشرحه الواضح والتفصيلي لأحد أهم العمليات الحيوية للجسم البشري.
على الرغم من اعتراف البعض بأن هنالك العديد ممن أسهموا في تحديد جوانب مختلفة من الدورة الدموية، إلا أنه لا يمكن التقليل من إسهامات هؤلاء الشخصيات المؤثرة الذين ساعدوا في بناء الصورة الأكثر شمولاً لهذا الجهاز المنظم للحياة داخل جسم الإنسان.