لقد ترك المسلمون بصمة واضحة ومؤثرة في مجال الرياضيات طوال القرون الوسطى وحتى يومنا هذا. بدءا من الأعداد الصحيحة والجبر، مرورا بالخوارزمي والفصول الفلكية، حتى الهندسة والمثلثات والتكامل التفاضلي - كل هذه المجالات قد أثرت بها الأفكار والأبحاث التي قام بها العلماء المسلمون بشكل كبير.
في القرن الثامن الميلادي، كان الخوارزمي رائداً بارزاً في مجال الجبر. سمي النظام الخاص بحساباته "الجبرا"، وهو ما يعني إعادة التركيب بالعربية، مما يعكس طريقة حل المعادلات الخطية والتربيعية التي ابتكرها. وقد ترجمت كتاباته إلى اللغة اللاتينية وأصبحت أساسية لتعليم الرياضيات في أوروبا خلال عصر النهضة.
ومن بين مساهمات مسلمي العرب الأخرى أيضاً حساب المثلثات، والتي طورها أبو جعفر الخازن وابن يونس المصري. لقد قدموا جداول دقيقة لتقريب قيم الدائرة وجيب الزاوية وظلها وعظمتها أثناء مراقبتهم للأحداث الفلكية. كما عرف ابن الهيثم طبيعة الضوء واكتشف قوانين الانعكاس والانكسار للضوء، الأمر الذي مهد الطريق لفهم أكثر عمقا لنظام العالم الطبيعي.
بالإضافة لذلك، كانت أعمال مثل كتاب "النجمة المتألقة" للإدريسي وكتاب "الرسالة القصور الذاتي" لأبي الريحان البيروني شاهدة على براعة واستمرارية البحث العلمي الإسلامي. كلا الكتابين يوضحان مستوى التحليل الفكري والعلمي الذي وصل إليه المجتمع الإسلامي آنذاك.
وبالتالي، فإن التأثير الإيجابي لعلم الرياضيات لدى المسلمين ليس فقط محصوراً بفترة معينة ولكنه امتد عبر قرون وبقيت أعمالهما ذات تأثير مستدام حتى اليوم. إن فهم ونقل تراث هؤلاء العلماء أمر ضروري لإبراز أهمية وحتمية التعاطف الثقافي والحفاظ عليه.