بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وجدت ألمانيا نفسها غارقة في بحر هائل من الدمار والخسارة. وقد خلفت هذه الكارثة الإنسانية آلاماً نفسية عميقة ومادية مؤلمة، لكن الألمان عرفوا كيفية التحول من حالة اليأس إلى حالة النهضة المذهلة.
أجبرت آثار الحرب ألمانيا على تقسيم البلاد إلى مناطق الاحتلال الأربع - بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي - مما أدى إلى نشوء جمهورية ألمانيا الديمقراطية في الشرق ورئيسية ألمانيا الاتحادية في الغرب. ولكن رغم هذا التقسيم المؤقت، بدأت بذور التعافي تنمو عبر برنامج "مارشال"، وهو خطة إنعاش اقتصادي عالمية قادتها الولايات المتحدة الأمريكية.
هذه الخطة، التي سميت باسم وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جورج مارشال، ضخت نحو ١٣ مليار دولار أمريكي - ما يعادل حوالي ۱۳۰ مليار دولار اليوم - في الاقتصاد الألماني والشركات الألمانية الخاصة. هدف هذه المساعدة ليس فقط تعزيز الاستقرار الاقتصادي بل أيضا الحد من النفوذ الشيوعي المتزايد في المنطقة.
على جانب آخر، لعب الشعب الألماني دورا أساسيا في عمليات إعادة البناء. فالضرائب المرتفعة المفروضة عليهم توجهت مباشرة للدعم الحكومي وإعادة بناء المدن المدمرة. كما شاركت الشركات والأفراد المحليون بنشاط في استعادة الاقتصاد الوطني.
بالفعل، فإن سر نجاح النهضات الألمانية يكمن في ثورتها الصناعية الهائلة. فقد احتلت ألمانيا مكانة رائدة عالميًا مرة أخرى في مجالات متعددة مثل الهندسة والتكنولوجيا والكيمياء والصناعات الثقيلة الأخرى. هذا الانتصار الصناعي قد غير تماما خارطة الاقتصاد العالمي.
ومن ذلك اليوم، أصبح واضحا للعالم أنه حتى أكثر الظروف قتامة يمكن تحويلها إلى فرصة للنمو والازدهار. لقد تعلم الألمان درسًا مهمًا حول المرونة والقوة الداخلية التي يستطيع الإنسان الاعتماد عليها عند مواجهة المصاعب.