كليلة ودمنة، هذا الكتاب الفريد الذي يجمع بين الحكايات والقصص الأخلاقية، يعتبر من أبرز الأعمال الأدبية في تاريخ الأدب العربي والإسلامي. يعود أصل الكتاب إلى الهند، حيث ألفه فيلسوف هندي مجهول الهوية في القرن الثالث الميلادي. يتكون الكتاب من خمسة كتب، كل منها يحمل عنوان "تنترة"، أي "حادثة ذات مغزى".

الكتاب يحمل اسم كليلة ودمنة، وهما ابنا آوى، وقد تم اختيارهما كشخصيات رئيسية في القصص بسبب قدرتهما على التعبير عن الحكمة والفضيلة. الهدف من تأليف هذا الكتاب هو توجيه الحكام والراعيين نحو إدارة شؤون رعيتهم بشكل أفضل.

يتميز كتاب كليلة ودمنة بعدة خصائص مميزة، منها:

1. الأسلوب القصصي: تتابعت القصص واحدة تلو الأخرى، مما يجعل القراءة ممتعة ومثيرة.
2. شخصيات الحيوانات والطيور: اختيار الحيوانات والطيور كشخصيات رئيسية يضيف طابعًا فريدًا للكتاب، حيث ينتمون إلى عالم مجهول من الإنسان.
3. اللغة الرشيقة: استخدام لغة سهلة ورشيقة يجعل الكتاب خاليًا من الملل، خاصة مع الاعتماد على الحوار والفكاهة في بعض الأحيان.
4. الحكم والأمثال: امتلاء الكتاب بالحكم والأمثال التي تعبر عن آراء الفلاسفة وتجارب الشعوب القدماء.
5. تمجيد الفضائل: تمجيد العديد من الفضائل الأساسية مثل الوفاء، والكرم، والشجاعة، والعفة، وغيرها.
6. تصوير بيئة الملوك والحكام: تصوير بيئة الملوك والحكام والحاشية التي تحيط بهم، مما يستهوي مزاج العامة ويُحببها لقلوب الجماهير.
7. الطابع الديني: كسوة الكتاب بالطابع الديني، حيث يظهر ذلك جليًا من خلال ألفاظ الرضا بالمقدور، وأحوال الدنيا والدين، والآخرة والأولى.

مؤلف كتاب كليلة ودمنة هو عبد الله بن المقفع، المعروف باسم روزبه بن داذويه قبل الإسلام. ولد في فارس عام 724م وعاش في مدينة البصرة ومات فيها. تباينت الأقاويل حول سنة ولادته ووفاته، ويقال أنّه قُتل في فتنة خروج عبد الله بن علي على ابن أخيه أبي جعفر المنصور بسبب تورطه في هذا الصراع لعمله كاتباً عند أعمام المنصور.

في الختام، يعد كتاب كليلة ودمنة من أهم الأعمال الأدبية التي تجمع بين الحكمة والفضيلة، ويظل مرجعًا قيمًا للحكام والراعيين حتى يومنا هذا.