الطباعة ظاهرة بشرية قديمة تعود جذورها إلى حضارات الشرق القديم، حيث تم استخدام الأختام لأول مرة في سوريا والعراق قبل نحو خمسة آلاف سنة. هذه الأختام كانت تحمل تصاميم معقدة مثل رموز الآلهة المحلية كالآلهة عشتار والشمس وإنكي. وفي الهند وفارس، كانت هناك أيضًا ثقافة للأختام المستخدمة أساساً في التجارة. أما بالنسبة للحضارات المصرية والإغريقية والرومانية، فقد اعتمدت بشكل رئيسي على الكتابة اليدوية والنقل التقليدي للنصوص.
ومع ذلك، فإن الخطوة الأكثر أهمية جاءت من الصين خلال القرن الأول ميلادية. هنا حدث إبداع كبير عندما طور الصينيون طريقة للطباعة على الورق - وهو واحد من اختراعاتهم الرئيسية - باستخدام القوالب الخشبية لحفر النصوص وزخرفة البوذية لتلبية طلب النبيذ المتزايد على كتب التعاليم البوذية. لكن هذا النظام لم يكن عمليا بسبب عدم وجود نظام كتابة بسيط، لأن اللغة الصينية تحتوي على حوالي أربعين ألف رمز مما جعل عملية جمع وحفظ الحروف مستحيلة. لذلك كان الحل الأمثل هو حفر القوالب الخشبية مباشرة لكل صفحة جديدة.
وفي أوروبا الغربية، حققت الطباعة تقدم هائلاً مع يوحنا غوتنبرغ الألماني في منتصف القرن الخامس عشر. قدم غوتنبرغ أول آلة طباعة حقيقية تستخدم معدلا بارزة وأسلوب جمع الحروف المتقدم نسبيا آنذاك لصنع نماذج مكتوبة بشكل ابتدائي. أثبت هذا الاختراع تغييرا ثوريا في مجالات التواصل والثقافة والحكومة حينها؛ حيث انتشر إنتاج الملايين من الكتب وانتشار الصحف الجديدة عبر القارة كلها. وبعد غوتنبرغ، شهدت تقنية الطباعة سلسلة من التحسينات والتحديثات المستمرة بما فيها استخدام الطاقة البخارية لتحريك المكابس لتوفير العمالة وتحسين سرعة الانتاج.
ثم أتى ريتشارد هوي في القرن التاسع عشر ليقدم لنا "الطابعة الدائرية"، وهي جهاز ثبت فيه الحروف على قرص دوار ويتيح تسلسلا غير متقطع للتغذية بالأوراق المطبوعة. وهكذا، تستطيع رؤية كيف تطورت الطباعة عبر الزمن عبر عدة طرق مختلفة، بداية من الأختام البدائية وحتى التقنيات المعقدة اليوم.