يمثل علم الجغرافيا أحد أقدم وأكثر الفروع العلمية شمولية، حيث يهتم بدراسة وتفسير الظواهر الطبيعية والبشرية بما في ذلك المناخ والأرض والتضاريس والموارد البيئية بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للإنسان على بيئته. يُعد هذا العلم وسيلة لفهم كيفية ارتباط الأشخاص والأماكن والمحيط الطبيعي داخل شبكة معقدة وموحدة.
نشأت جذور الجغرافيا القديمة عند اليوناني القديم إراتوستينس (حوالي 276-194 قبل الميلاد)، والذي قدر بشكل تقريبي محيط الأرض بناءً على ظاهرة الانقلاب الشمسي والاختلاف الزمني بين مدينتي الإسكندرية ورأس أقصر. بينما قدم العالم المصري القديم بطليموس (نحو 90-168 ميلادي) مساهمات كبيرة في تطوير النظام العالمي لخطوط الطول ودوائر العرض والتي كانت ضرورية لصنع خرائط دقيقة.
في القرن الثامن عشر، برز الاسم الألماني ألكسندر فون همبلت "أبو الجغرافيا الحديثة"، ليشيد سمعة باعتباره عالم جغرافيا رحالة اكتشافي بارع. ومن خلال أعمال مثل كتابه الشهير "코스모스" ("العالم") المعروف أيضاً باسم "الكوكبة الخارجية"، جمع همبلت رؤيته الشاملة للعلاقات بين الناس والكوكب الأم تحت عنوان واحد شامل؛ مُـؤثِـثاً بذلك أساس العديد من المفاهيم الرئيسية لعلم الجغرافيا الحديث.
تشمل الموضوعات الأساسية الخمسة المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بممارسات البحث الجغرافي اليوم تلك التالية:
1- الموقع: توفر الجغرافيا معلومات موقعية يمكن تحديدها رياضيًا باستخدام خطوط الطول ودوائر العرض العالمية، أو نسبياً بتوفير روابط منطقية بالمواقع الأخرى ذات الصلة بها.
2- الحالة المحلية للأماكن: تتضمن الصفات الفيزيائية والسلوكية المعدَّدة للمواقع المُختارة، سواء أكانت طبيعية أم بشرية المنشأ -مثل المناخ وأنواع التربة والنظم الاجتماعية والمذاهب الثقافية وما شابه-.
3- التفاعل الزوجي: يسعى المستكشفون الجغرافيون للحصول على فهم عميق لكيفية تأثر العلاقات المستمرة بين الحياة النباتية والحيوانية والحياة البشرية بالعوامل البيئية وظاهرة الاستعمار البشري/الحيوي. وفي المقابل، كيف تؤدي جهود الانسان لتنمية المناطق الغنية بالموارد أو تغيير وجه سطح الأرض نتيجة للاستخراج المكثف أو حتى عمليات التصحر وغيرها مما ينجم عنها تغييراتهم المستدامة -أو غير المستدامة- على المساحات العمرانية؟
4- الوحدات الإقليمية: تُ略ح منطقة جغرافية كمجموعات متجانسة من السكان والجيوماتوفاعليات المحلية ضمن مجال زمني مستقر نسبيًا ومترابط بفعل حالات التشابه العام للسكان والطبائع البيئية حول مناطق معيشتهم المشتركة. وهذه التقسيمات تخضع أيضًا لمنظرٍ نظري مختلف حسب السياقات النظرية لكل من مدرستَي الفصل الأحادي والشامل. وبذلك يقترح كل منهما آراء مختلفة بشأن طرق تقسيم واستخدام تصنيفاتها الفرعية(الإدارية).
5- حركة الأشياء والأفراد داخل وخارج الحدود الوطنية للدولة وفق منظورات متنوعة تحمل طابع تربوي واقتصادي وإعلامي وحركات سكانية سياسية أخرى مرتبطة بنشوء المدن العملاقة وانتشار التحضر وصعود فترة ما بعد الصناعة... إلخ. إذن فإن عملية التنقل الوحيدة ليست فقط انتقال الأفراد بل تمتد كذلك لنطاق أشمل يشمل التجارة الداخلية والدولية ونقل الخدمات التعليمية والثقافة العامة وتعزيز الروابط الدولية والإقليمية والمعجم الخاص بكل مجموعة اجتماعية كوحدة لغوية مستقلة....الخ.
وبالتالي يعد علم الجغرافيا ذا أهمية قصوى لبناء فهم أفضل للعالم المحيط بنا وكيف يؤثر تدخل الإنسان فيه ويغيرونه باستمرار. إنه العلم الذي يحلل الديناميكية الجامعة بين الإنسان والبيئة ويعطي عيونًا ثاقبة على مدى وجود التبعيات التاريخية والقوميات المتنوعة الموجودة منذ القدم ولغاية يومنا الحالي وذلك بغرفة عروض واسعة تبدأ من القرون الوسطى وتصل لعصور الانفتاح السياسي العالمي چني تكون لها آثار مباشرة وغير مباشرةعلى حياة شعب دول المنطقة وجيرانها الذين تربطهم بهم رابط فضائي مشترك .