- صاحب المنشور: رضوى بن خليل
ملخص النقاش:
في العصر الحديث المتسارع التطور التكنولوجي، يبرز سؤال كبير حول دور التقنيات الحديثة في سوق العمل. فهل ستعمل هذه التطورات على استبدال القوى العاملة البشرية أم أنها ستكون مجرد أدوات مكملة لها؟ هذا النقاش يأخذ عدة جوانب مختلفة؛ منها الفوائد المحتملة للتكنولوجيا التي يمكنها زيادة الكفاءة الإنتاجية وخفض التكاليف، ولكن أيضا مخاوف بشأن فقدان الوظائف بسبب الروبوتات والأتمتة.
من جهة، تقدم التكنولوجيا حلولا فعالة لبعض الأعمال الشاقة أو الخطرة أو ذات الطبيعة الدورية المتكررة والتي قد تشكل خطرًا على الصحة البدنية للعاملين. بإمكان الآلات القيام بهذه المهام لأوقات عمل طويلة بدون الحاجة للاستراحة أو الراحة، مما يعزز إنتاجية المؤسسات الصناعية والتجارية. بالإضافة لذلك، تقليل نسبة الأخطاء البشرية الذي يعد جانب هام جدًا عندما يتعلق الأمر بالأنشطة مثل التصنيع حيث حتى أصغر خطأ يمكن أن يؤدي إلى خسائر كبيرة.
لكن من الجانب الآخر، هناك قلق متزايد بين الكثيرين بشأن تأثر الوظائف الإنسانية بهذا الانتشار الواسع للتقنية. العديد من الدراسات تشير إلى احتمالية فقدان ملايين الوظائف خلال العقود المقبلة نتيجة للأتمتة. بعض القطاعات الأكثر عرضة لهذه العملية هي تلك التي تعتمد أساساً على العمليات اللوجستية روتينية كالصناعة والمبيعات بالتجزئة وغيرها. الفرضية هنا ليست أن التكنولوجيا ستصبح عقبة أمام توفر فرص عمل جديدة تماماً، لكن ربما تتغير طبيعتها بطرق غير متوقعة وقد تترك خلفها عدد أقل من المناصب التقليدية للشغل اليدوي والإداري المنخفض المستوى.
وفي الوقت نفسه، فإن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والروبوتات ليسوا مصدر الخطر الوحيد. يشمل ذلك أيضًا التحول الرقمي واستخدام البرمجيات عبر الإنترنت والتي تؤدي إلى تغيير الطريقة بكيفية تقديم الخدمات وتقديم المنتجات وبالتالي تتطلب مهارات محددة ومتخصصة. وهذا يعني أنه بينما تستطيع التقنية خلق وظائف جديدة أكثر تعقيدا تتطلب خبرة عالية ومستويات علمية أعلى، إلا أنها قد تجبر أيضاً الأشخاص ذو المهارات الدنيا والخارجين عن دائرة التعليم الرسمي على خوض غمار تحديات اقتصادية وصعبة للغاية.
للتغلب على هذه المخاطر والاستفادة القصوى من الثورة التكنولوجية، ينصح بأن يتم التركيز على تطوير نظام تعليم واسع وشامل يستوعب الاحتياجات الناشئة للسوق الجديد ويعزز القدرات اللازمة لمواجهة المتغيرات الجديدة المرتبطة بها. ومن جانب آخر يجب توجيه الجهود نحو تحسين السياسات الاجتماعية لتوفير شبكات دعم اجتماعي أقوى للمحتاجين الذين سيكونون معرضين بشدة لفقدان وضعهم الراهن نتيجة لهذا التحول الكبير في نوعية العمال المستخدمين داخل الاقتصاد العالمي.
ختاماً، يبدو واضحاً الآن أن ارتباط مستقبل العمل بالعوامل التكنولوجية سيستمر ويترسخ أكثر وأكثر يوماً بعد يوم. وعلى الرغم مما يحمله معه من تغيرات جذرية محتملة، إلا انه أيضا فرصة لإعادة النظر ببناء بنى تحتية اجتماعية وعلمية قادرة على تحقيق الاستقرار وتعزيز القدرة التنافسية العالمية للدول المختلفة ضمن المشهد المعاصر المعقد اليوم.