تُعتبر أريحا، المنوطة بفلسطين، أقدم مدينة بالعالم وفق العديد من الدراسات الأثرية والتاريخية. هذه المدينة العربية النابضة بالحياة تتخذ موقعها الاستراتيجي عند سفح جبل الخليل مباشرةً، مما جعلها نقطة جذب هامة عبر الزمن. رغم كونها تُلقب أيضاً "بمدينة القمر"، إلا أنها تحظى بدور مهم كرمز للتراث الفلسطيني والعربي القديم.
تاريخ نشأة أريحا يعود لعشرات الآلاف من السنوات حسب تقديرات علماء الآثار. يُعتقد بأن الإنسان البدائي بدأ في استيطان هذه المنطقة منذ أكثر من اثني عشر ألف سنة. ومع مرور الوقت، تطورت أريحا لتصبح واحدة من أهم المدن التجارية والصناعية آنذاك. خلال الحقبة الرومانية، شهدت طفرة عمرانية كبيرة مع بناء البنية التحتية على طول نهر القلط.
في الإطار الديني، ذكر الكتاب المقدس اسم المدينة باللغة العبرية "إيريشو". أما بالنسبة للساميين الذين كانوا يقيمون في منطقة الشرق الأوسط حينها، فقد سموا المكان نسبة لأحد أحفادهما وهو أريحا بنت مالك بن أرنخشد ابن سام ابن نبي الله نوح عليه السلام.
بعد القرون الأولى للهجرة، مرت أريحا بمراحل سياسية مختلفة. درست لها الحكم تحت سلطتين عربيتين مختلفتين هما الدولة الأموية والمملكة الأردنية الهاشمية. لكن الجزء الأكبر من القرن العشرين شهده الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بما فيها أريحا حتى نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات عندما دخلت تحت حكم السلطة الوطنية الفلسطينية.
اليوم، تعدّ أريحا وجهة سياحية مثيرة للإعجاب بسبب طبيعتها الخاصة وغناها بالتاريخ والحضارة الإنسانية المبكرة. تشتهر باعتدال حرارتها في الشتاء ودفء جوها بشكل ملحوظ بالمقارنة مع المناطق المجاورة الأكثر برودة مثل الجبل الغربي والجبل الشرقي لجبال الهيكل. بالإضافة لذلك، تعتبر قربها من البحر الميت عامل جذب آخر للعديد من الزوار الراغبين باستنشاق نسيم البحر والاسترخاء في منتجعاتها الحديثة المترامية الأطراف.
إن رحلة عبر تاريخ وتقاليد أريحا هي تجربة غنية ومتفردة توضح عمق جذور الثقافة العربية وترابطها عبر العصور المختلفة.