ولد القائد المسلم الشهير صلاح الدين يوسف بن أيوب في مدينة تكريت بالعراق عام ١١٣٨ م، وترعرع وسط بيئة صوفية مؤمنة جعلته يكن احتراماً عميقاً لتعاليم الإسلام منذ نعومة أظافره. نشأ صلاح الدين في ظل ظروف سياسية مضطربة عندما حاول الفرنجة غزو الشرق الأوسط والاستحواذ عليه بحجة حماية المقدسات المسيحية.
كان لصلاح الدين مكانة خاصة ضمن عائلة آل أيوب، إذ تربى تحت رعاية عمه "أسد الدين شيركو"، أحد أهم الشخصيات السياسية آنذاك والذي لعب دوراً محورياً في مساعدة السلطان نور الدين زنكي لإعادة تنظيم الحكم في سوريا ومصر. أثناء خدمته كمساعد خاص لأعمامه وزوجاتهن خلال فترة شبابه المبكرة، اكتسب صلاح الدين مهارات قيادية بارزة أثرت لاحقاً بشكل كبير على مستقبله السياسي والعسكري.
بعد سنوات من التدريب المكثف والمعرفة الواسعة بالقانون والفقه والتاريخ، انطلق صلاح الدين نحو تحقيق رؤيته لاستعادة الأرض المباركة من قبضة الغاصبين الأوروبيين. استغل موهبته الاستراتيجية لتحقيق الانتصارات العسكرية المتتالية، أولها هزيمة جيوش بيت المقدس بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا خلال معركة حطين الضارية سنة ١١٨٧ م. بذلك، ألحق الهزيمة الأكثر كارثية بتاريخ الحملات الصليبية بل وأدى لتحرير المدينة المقدسة نفسها مما أدى لشعور المسلمين بالفخر والإباء.
ومن الجدير بالذكر دوره الريادي فيما يعرف الآن بحركة الوحدة العربية الإسلامية عبر توسيع رقعة دولته لتشمل مناطق واسعة تمتد من شمال أفريقيا مرورا بسوريا والشام وحتى اليمن جنوباً. كما سعى جاهدًا لنشر الدعوة الإسلامية بين العامة وتعزيز التعليم الشرعي بفوزه باستقلال مصر وتحويل نظام الحكم بها للنظام السنّي المعتدل.
خلاصة القول بأن سيف الدين الأيوبي رمزٌ خالد للتضحية والبصيرة السياسية بالإضافة لقوته الروحية الصادقة تجاه جذوره الثقافية والدينية العريقة والتي تركت تأثير دائم حتى يومنا الحالي. إن مساهماته الرائدة تستحق التأمل والمراجعة للسطور الأولى من صفحات تاريخ العالم الإسلامي.