تلعب اللغة العربية دوراً هاماً ومميزاً في تاريخ الإنسانية، وهي ليست مجرد وسيلة للتواصل اليومي فقط ولكنها موروث ثقافي غني ومتنوع. تتميز العربية بفخر بتاريخها الطويل وأصولها القديمة، فهي واحدة من أقدم اللغات الحية في العالم والتي استمرت في الاستخدام والتطور لأكثر من ١٤ قرناً. إنها اللغة الرسمية للإسلام ولغة الوحي المنزل للقرآن الكريم. منذ نشأة الإسلام وانتشاره، اجتذب جمال هذه اللغة العديد من الشعوب حول العالم الذين سعوا لتعلمها لتسهيل فهم الكتاب المقدس لديهم.
على الرغم من التغيرات العالمية والعولمة الحديثة، إلا أن اللغة العربية الفصحى ظلت الخيار الأساسي للتواصل الرسمي والأدبي والثقافي بين الناطقين بالعربية. تستخدم بكثافة في التعليم بأنواعه المختلفة وفي وسائل الإعلام المختلفة تغطي جميع جوانب الحياة المعاصرة.
ومن خلال دراسة جماليات اللغة العربية يمكن ملاحظة مدى اتزانها وروعة صوريتها وبلاغتها الفذة. سواء كانت هذه الصور مستخدمة في الخطوط الإسلامية الزاخرة بالتصاميم المتعددة الأنماط والتي تنفرد بها الثقافة العربية، أو أثناء ارتقاء القصائد النابضة بالحياة بشعر العرب القدماء كمعلقات وتعبيراتهم الرقيقة مثل شعر ابن زيدون وصبرى خليل وغيرهما ممن خلفوا لنا تراث شعري رنان.
بالإضافة لما سبق ذكره آنفا فإن حسن استخدام مفرداتها وترتيب جمالي للألفاظ جعل منها أقوى الأدوات للتعبير عن المشاعر الداخلية بصورة مباشرة أو رمزية مؤثرة للغاية. ومع ذلك تواجه اللغة العربية تحديات كبيرة خاصة فيما يتعلق بنشر البحث العلمي حيث غالباً ما يلجأ العلماء لاستعمال لغات عالمية أخرى عوضاً عنها وهو أمر قد يؤثر بشكل سلبي على توسيع دائرة تأثيرها العالمي الواسع يوماً ما. كذلك أثرت التقنيات الحديثة كالذكاء الصناعي التي تعتمد أساساً على الترجمة بلغة المصدر الغالب -أي الإنجليزية مثلاً- الأمر الذي دفع البعض نحو عدم اكتراث بتعلم وفهم خصائص اللغة الأم الخاصة بهم رغم كونها إحدى أكثر خامات التواصل جذباً للعقول!
وفي النهاية يبقى هدف النهوض بوضع اللغة العربية مهمة وطنية ملحة تستحق بذل المزيد من الجهد لإعادة مجد عزتها الكلاسيكية وعظيم دورها المؤثر محليا ودوليا .