يتمثل العنف المدرسي في مشكلة متعددة الجوانب تتطلب معالجة شاملة لخفض معدلاتها وتوفير بيئة تعليمية أكثر أماناً للجميع. يعد فهم الأسباب المرتبطة بالعنف المدرسي خطوة أساسية نحو وضع حلول فاعلة. يمكن تصنيف تلك الأسباب إلى عوامل اجتماعية ونفسية وبيئية داخل المدرسة وخارجها. تشير الدراسات النفسية إلى دور الاضطرابات الشخصية والصعوبات الأسرية واحتلال مرتبة دنيا بين زملاء الفصل على احتمالية الانخراط في سلوك عدائي. كما تساهم الظروف الاجتماعية الاقتصادية والمعايير الثقافية والعوامل البيئية المحلية في خلق أجواء محفزة للسلوك العنيف.
ومن هنا يبرز الدور الرئيسي للمؤسسات التعليمية والشركاء المجتمعيين في التصدي لهذه القضية. تتضمن الاستراتيجيات الفعالة ما يلي:
- التوعية والتدريب: غرس قيم الاحترام والتسامح عبر المناهج التعليمية وبرامج التربية الوطنية يساعد بشكل كبير في تغيير النظرة السائدة حول العنف كوسيلة لحل المشكلات. بالإضافة لذلك فإن تدريب المعلمين والإداريين على اكتشاف علامات التحذير والاستجابة لها يعزز قدرتهم على التعامل مع الحالات الخطيرة قبل تفاقم الأمور.
- إنشاء قنوات اتصال مفتوحة: تهيئة جو من الثقة والدعم النفسي للأطفال يسمح لهم بالإبلاغ عن مخاوفهم ومشاركة تجاربهم دون خوف من الانتقام أو الإجراءات التأديبية غير الضرورية. وجود مستشارين أكفاء مجهزين للإرشاد الاجتماعي والنفساني يسهم بتقديم الدعم اللازم للتلاميذ الذين قد يكونون عرضة للسلوك العدائي أو هم ضحايا له بالفعل.
- تعزيز البرامج الرياضية والأنشطة اللامنهجية: تُعتبر هذه البرامج طريقة مثالية لاستقطاب الأطفال ذوي ميول العنف ضمن مجموعات منظمة تعمل تحت إشراف مدربين محترفين. توفر مثل هذه الأنشطة متنفسا صحياً لطاقة هؤلاء الأفراد بينما تعلمهم مهارات العمل ضمن فرق واتخاذ القرار الجماعي وإدارة النزاعات بطريقة بناءة.
- العمل الشراكي بين المنزل والمدرسة والمجتمع: نجاح جهود مكافحة العنف المدرسي يتوقف أيضا على التنسيق الفعال بين مختلف أصحاب المصالح المؤثرين بما فيه أولياء أمور المتضررين وجهات حكومية ومنظمات مجتمع مدني مختصة بحقوق الطفولة وحماية الطفل. يشمل ذلك تطوير بروتوكولات واضحة لتبادل المعلومات وضمان سرية المصدر عند تقديم بلاغات بشأن حالات محتملة للعنف المدرسي.
- مراعاة احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة: مراكز دعم داعمة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تضمن تقليل الشعور بالعزلة والإقصاء لدى هؤلاء الصغار مما يقوّم فرص اندماجهم بالحياة اليومية بالمدرسة ويقلل احتمال تعرضهم لإساءة استخدام السلطة أو سوء المعاملة.
وفي النهاية، تعتبر الوقاية خير دواء لمنع انتشار ظاهرة العنف المدرسي المدمرة للحياة الأكاديمية ولشخصيات الناشئة المستقبلية أيضاً؛ فالاستثمار المبكر في تنمية المهارات الاجتماعية والسلوكية الصحيحة يحفظ حق كل طفل في تلقي تعليم هادئ وآمن يخوله تحقيق آماله وأهداف حياته بشروط ملائمة وسليمة عاطفيًّا واجتماعيًّا أيضًا.