في رحاب التاريخ القديم، يكشف لنا الزمان سرًا عميقًا، يحكي عنه القرآن الكريم منذ قرون مضت، لكن لم يزدهر فهمه إلا في عصرنا الحالي، وذلك بفضل جهود عالم بارع هو الفرنسي موريس بوكاي. ولد موريس بوكاي عام ١٩٢٠ ميلادي في منطقة شمال فرنسا، ليصبح لاحقًا طبيبًا مشهورًا ومتخصصًا في مجال الجراحة والتـشــريح. ومع اشتغاله بالطب، تجرأت شغفة للتعرف على حضارات الماضي، مما دفعه لتعلم اللغة الهيروغليفية القديمة ولغات أخرى مثل العربية. فعلى الرغم من كون موريس بوكي غير مسلم أصلاً، إلّا إن ارتباطاته المهنية بالسادة العرب جعلته قريبًا أكثر من الثقافة الإسلامية.
كان موريس بوكاي مفتونًا بتحقيق فهم أعمق لحياة الأشخاص الذين عاشوا خلال الحقبة الفرعونية، بما فيها الفراعنة أنفسهم. وفي فترة حكم الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، حصل على إذن خاص لاستكشاف وتفحص بعض المومياوات الملكية المخزونة داخل الهرم. وكانت إحدى هذه الطلبات تتعلق بمومياء الفرعون رمسيس الثاني وزوجته نفرتاري. وبعد إجراء العديد من الدراسات والتحقيقات الشاملة حول هذين القبرين المهيبين، توصل موريس بوكاي إلى نتيجة مذهلة؛ وهي أن وفاة رمسيس الثانية كانت بسبب حادث غرق مفاجئ!
وعند محاولة نزع لفائف الضماد المستخدم أثناء عملية تحنيط جسده، لوحظ وجود حالة غير اعتيادية في موضع ذراعيه -كما وصفها المختصون-. فالطريقة التي وضعت بها اليد ترتكز على انفعالات بدنية مستمرة أثناءprocess of being wrapped in bandages, a clear sign that the body was still moving at the time of wrapping, indicating potential struggle or interference with water currents during what appears to be drowning incident. بالإضافة لذلك، تم تحديد آثار كسور جسدية طفيفة في عظامه ولكن دون حدوث خدوش جلدية خارجية ترجع لأحداث مشابه لهذه الحالة المتصلة بطبيعة الماء. كل الأدلة مجتمعة شكلت الدليل النهائي بالنسبة للأخصائي الفرنسي حول طريقة انتهاء حياة أشهر فراعنة مصر القديمة.
غيرت نتائج بحث الدكتور موريس بوكاي وجه نظره تجاه معتقداته الأصلية تمامًا. لقد اتضح له مدى صدقية الإشارات القرآنيّة المبكرة بشأن نهاية حياة هرقل العظيم -فرعون بني إسرائيل- بناءً على الآية الكریمة "اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلّفك آیة وإن كثیرا من الناسعن آیاتنا لغافلون".(يونس :۹۲) وهذه النتيجة قادته للاستماع بإيجابية للتفسير الإسلامي لقصة موسى عليه السلام والصراع المرعب معه ضد ظلم فرعونه . ومن ثَمَّ نشر ثمار دراسته عبر كتابة كتاب تحت عنوان"التواراة والإنجيل والقرآن والعلم الحدي".
وفي الأخير، يمكن اعتبار اكتشاف موريس بوكي البارز مثال حي لإظهار قدرة العقيدة الإسلامية الواضحة والبلاغية القرآنية الخلقية حتى ولو جاءت معلومات جديدة تدعم محتوى النصوص المقدسية بشكل غیر متوقّع لدى البعض خارج دائرة المؤمنون فقط ولكنه بالتأكيد تأكيد قوي لما سبقه في زمان سابق بكثير جداً. إنه درس تاريخي ممتع جدًّا يعكس دور التنوير والفكر الحر المستند إلى البحث الأكاديمي الموضوعي والذي يساهم بالنظر بعين الاعتبار نحو التعامل بروح الانفتاح النقدي المفيد للعقول البشرية المفتوحة دائمًا لاتجاه الحياة الجديدة المغيرة لمعارف سابقات لها.