يعتبر مجال كلٍّ من الأنثروبولوجيا وعلم النفس ذا أهمية كبيرة عند محاولة فهم سلوكيات الأفراد داخل بيئتهم الاجتماعية والثقافية المتنوعة. يشير مصطلح "الأنثروبولوجيا"، مشتقاً من اللغة اليونانية القديمة، إلى الدراسة العلمية للبشر وللحياة البشرية. بينما يتم تعريف علم النفس كدراسة العمليات الذهنية والعاطفية وسلوك الإنسان. عندما نجمع هذه المجالات مع بعضها البعض، يمكن لنا الحصول على نظرة ثاقبة أكثر تعمقاً حول كيفية تأثر تصرفات الناس وثقافتهم بالبيئة المحيطة بهم وبالتاريخ المشترك لهم.
تُعدّ الأنتروبولوجيا مسبقة لعلم النفس بطريقة ما؛ لأن العلماء الذين سبقوا ظهور هذا الأخير كانوا يستخدمون أساليب مشابهة لتلك المستخدمة حالياً في الأبحاث الأنثروبولوجية لإجراء دراسات اجتماعية وفسيولوجية للسكان المحلية والحفاظ عليها أيضًا لأجيال لاحقة. إن تركيز الفاحصين القدامى كان دائماً نحو البحث عن تفاصيل دقيقة لمختلف جوانب المجتمع البشري بما فيها عادات الطعام والتقاليد الدينية وتنظيم الأسرة وغير ذلك مما يساهم بشكل مباشر بتشكيل الهوية الشخصية والجماعية للأفراد والمجموعات. وهكذا فقد برز دور الأنتروبولوجيا باعتبارها مقدمة لما يعرف الآن بإطار الدراسات الإنسانية الشامل والتي تتضمن علوم متعددة ومترابطة مثل التاريخ والفلسفة والدراسات الأدبية بالإضافة طبعاً لساحة المعرفة الأكبر وهي علم النفس نفسه.
في الواقع، يوفر الجمع بين هاتين المجالات العديد من الفرص الثمينة لفهم أفضل للمخاوف الروحية والنفسية للإنسان وكيف أنها تؤدي بدورها لتحديد العلاقات القائمة ضمن إطار ثقافة واحدة. فعلى سبيل المثال، قد يكشف التحليل المقارن بين فئات سكانية مختلفة عبر العالم عما يسميه علماء الاجتماع "الأنماط الثقافية". ويتمثل معناها الحقيقي هنا بأمثلة عملية حقيقية توضح كيف يؤثر السياق الجغرافي ونمط الحياة اليومية لدى شعب معين بكل فرد منه - سواء كان صغير السن أم كبير – وذلك فقط بناءً فقط على خلفيات الثقافية الخاصة بذلك الشعب تحديدًا! لذا فإن مشروع تبني منظور موحد لهذه الظاهرة سوف يساعد حتما زيادة قدرتنا الفائقة بالفعل لمراقبة كافة أشكال التعقيد الناجمة غالبًا مما نتوقعه جميعاً بأن يكون بسيط وليس كذلك حقًا! إذ يندرج تحت مظلة التركيبة السكانية المستهدفة عدة عوامل مجتمعة منها الدين والعمر ومستويات التعليم ومستويات الدخل الاجتماعي وما إلى غيرها... وكل شئ له تأثير مباشر بحتميته ليس إلا على عمليات التفكير النابعة مباشرة من الأحاسيس الداخلية وانتاج الخطط الاستراتيجية الاستجابة لها والتي ستكون بالتالي جزء أصيل ومنفصل ولكن مرتبط ارتباط وثيق بسجل شخصيات مستمدة أساساتها الأولية والمعقدة بالمفتاح الخاص بفهم نفسيات أولياء أمر تلك الشعوب التي ارتكزت وجوديتها العمراني والاجتماعي على أرض وطن واحد قبل وقت طويل جدا مقارنة بمراحل اكتشاف الطبقات الأرضية الحديثة الأكثر عمقا وجودا.
إن الانصهار بين مجالي الأنتروبولوجيا ونظيرته الرئيسية الأخرى وهو علم النفس يخلق مسرح عمل متنوع وغني بالأحداث المثيرة للاهتمام والذي يأخذ شكل رحلة بحث شيقة تهدف لاستكشاف بنيان العقيدة الجوهرية للحالة الإنسانية الفردية والجماعية على مستوى واسع فضاء وأبعاد زمنية ممتده منذ بداية تشكل حضارات المنطقتين الغربيتين والكلاسيكية الشرقاوية مروراً بالحاضر حتى عصر التجارب المعاصره الواسعة الانتشار عالمياً وفي قادم الايام المستقبلانيه أيضاً!!