الكوكب الأرضي يحفل بتنوع كبير ليس فقط في الثقافات والأجناس بل أيضًا في الطرق التي نتواصل بها. وفقًا لأحدث البيانات المتاحة حتى العام ٢٠٠٩ والتي قدمتها منظمة SIL الدولية، فإن عدد اللغات المعروفة حول العالم يقارب ست آلاف تسعمئة تسعة (٦٬٩٠٩). يعود الفضل في هذا الزيادة إلى تقدير الإنسان بشكل متزايد للتنوع اللغوي وليس بالضرورة إلى ظهور لغات جديدة؛ فبينما ازداد فهمنا لهذه المنظومة الغنية، بدأت عملية توثيق وتسجيل هذه اللغات بكثافة خلال القرن العشرين واستمر هذا الجهد حتى وقتنا الحاضر.
تعرف اللغة عادة بأنها نظام رمزاني تستخدم لإبداء الأفكار والمشاعر وتعزيز التواصل بين الناس. قد تكون هذه الرموز كتابة أو كلام أو إشارات اليد وقد تنقل أفكارًا مجردة أو تعبيرًا خلاقًا وعاطفيًا. أما عالم الصوتيات اللغوي الشهير هنري سويت فقد عرف اللغة بأنها "استخدام أصوات مترابطة تشكل كلمات تتشارك فيما بعد لإنشاء عبارات". غالبًا ما يبدأ المرء باستخدام لغته الأم – أو تلك التي تعلم فيها أول مرة - لكن البعض الآخر قد يحتوي حوارهم اليومي على لغات عدة مما يعرف بمهارة ثنائئية اللغة.
إذا نظرنا إلى الاستخدام الأكثر شيوعًا للغويات العالمية، فإن الصين تحتل المرتبة الأولى من حيث وجود أعلى نسبة من السكان الناطقين بلغتهم المحلية وهي مجموعة متنوعة من اللهجات تعتبر جزءًا من عائلة اللغات الصينية التقليدية الشمالية الشرقية. يأتي بعدها مباشرة الإسبانية بمقدار حوالي ٤٣٧ مليون شخص يتكلمانها أساسياً، وبالتالي تصبح هي الأكثر نشراً خارج حدود الدولة الأصلية بإسبانيا وانتشار واسع جغرافياً عبر القاري الأمريكي وجزء منه داخل الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المفاهيم المثيرة للاهتمام هنا أنه بينما تعد اللغة الإنجليزية الأكثر رواجًا عالميًا كوسيلة اتصال مشتركة، إلا أنها تحتل مركزًا أقل نسبياً إذا قورن عداد مستخدميها بالأوليين منها بالنسبة لدولهم الخاصة بهم.
هذه الرحلة عبر شبكات الاتصال الإنسانية تؤكد مجدداً جمال اختلاف التجارب الإنسانية وكيف تجسد نفسها في طرق مختلف الشعوب لنقل أفكارها ومعانيها للعالم الخارجي.