يعتبر جبل حفيت معلمًا طبيعيًا بارزًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، تحديدًا في منطقة العين، التي تنتمي لإمارة أبو ظبي. يمتد هذا الجبل المهيب لمسافة تقدر بحوالي ٣٠ كم عرضاً، وبأبعاد طولية تفوق الأربع وخمسين كم². ويصل قمة جبل حفيت الشامخة نحو ١٢٤٠ مترا فوق سطح البحر، مما جعله ثاني أعلى نقطة في الدولة بعد جبل جيس الواقع في رأس الخيمة.
يتكون بنيان جبل حفيت أساسا من طبقات كثيفة من الصخور الجيرية المتنوعة، وهي نتاج تراكم وتحول مئات السنين تحت تأثير الرياح والمياه والمكونات البيئية الأخرى. إن انحداره الحاد وأناقته المنفردة جعل منه هدف محبذ للباحثين عن المغامرات الرياضية مثل التسلق والتخييم. ومع ذلك، فإن الجزء السفلي من الجبل يشكل صورة معاكسة تماما بفضل غطاء أخضر مزدهر يعرف بمحيط المياه الدافئة والنبع الوافرة ومجموعة متنوعة من النباتات المحلية.
وبينما يعد جمال جبل حفيت ملاذا لسكان المنطقة وزوارها، إلا أنه يحمل أيضًا عمقا تاريخيًا هائلا. فمن خلال التنقيبات الأثرية التي قام بها فريق علمي دنماركي عام 1959، تم اكتشاف أدلة تدعم وجود مجتمع بشري قديم يعود لعهد ما قبل الميلاد. وقد كشفت هذه الاكتشافات عن العديد من قطع الفخاريات الغنية بالتصاميم المعقدة وأدوات مصنوعة من النحاس وأوانٍ دفن تؤرخ لبداية الاستيطان الإنساني المبكر لهذه الأرض الصحراوية الجافة اليوم.
كما يساهم الموقع الجغرافي لجبل حفيت بشكل مباشر في روايته التكتونية القديمة. فقد كانت المنطقة ذات يوم جزءاً من بحر "ثيثيس" القديم، والذي ترك بصماته حتى الآن عبر تواجد أحافير بحرية محفوظة جيدا حتى وقتنا الحالي بالقرب من قمم الجبل المرتفعة. وهذا يدل ليس فقط على دور الجغرافيا المتحولة ولكن أيضا على مدى قوة الروابط بين الماضي والحاضر داخل المشهد الطبيعي للإمارات.
إن عظمة جبل حفيت هي أكثر بكثير من مجرد ارتفاع جيولوجي؛ إنها شهادة فريدة على رحلة تشكيل الطبيعة وصمود الثقافتين الإنسانية والعمرانية عبر آلاف السنوات.